هَل تكون قمة البحرين الفرصة الثانية بعد الطوفان لوقف حرب غزة والسير بالتسوية الشاملة؟.. بقلم: العميد مُنذِر الايوبي

ثمانية اشهر من عمر غزة كانت كافية لكشف العراء العربي والتصحر السياسي.

الخذلان عميم من محيط الى خليج لا صوت يعلو فوق انين جرحى وتكبيرات تشييع ملائكة إن انتشلوا من بين ركام بعد سحق او من مقابر جماعية قبل حرق..!

لا تُصنع حضارة باستسلام، إن بان سلام فمجتزأ صنو رضوخ.. أنَّى لانظمة تخلت عن ثوابت القضية وتجاهلت حقوق ان تدافع عن نفسها او أن تدفع بلاء عن امة حفظ وجود وإعلاء كرامة، فيما المشاعر شاحذة لوعة القلوب والصمت غالب في صخب المجازر لتبقى الأعين والضمائر شواهد..!

من الثابت ان عقدة الدونية Inferiority Complex عامل مشترك بين رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو والرئيس الاميركي جو بايدن لكن المسافة المحسوسة بينهما سلبية عَلى استعلاء، هنا يكمن التجاوز التعويضي Compensatory Transgression لدى الاول في عناد استمرارية حرب غزة والقتل الجماعي المتواصل، فيما يثابر الثاني ويساوم عَلى قدرة تقنين المدد التسليحي التذخيري كمآ ونوعا لتصبح مفاوضات وقف اطلاق النار وولوج تَسويَة الحل الجذري للقضية الفلسطينية مِن نوع المماطلة شبه مباراة شد الحبل عسى الوضع الميداني ينقلب والريح تثوب، رهان عدو عَلى عامل الوقت في ظل انقسامات تعدت خلافات داخل المنظومة السياسية والعسكرية علنية حادة قاربت تمردآ وانشقاق سواءً غلفت بصيغة استقالات ام بحركة تعيينات وتشكيلات قيادات عسكرية..!

تاليآ؛ لَم يعد مِن حاجة لرؤية ثاقبة، ان اطالة امد الحرب يأتي عَلى حساب خسارة حياة المحتجزين تباعآ، مع تجاهل الخسائر الكبيرة التي يتكبدها جيش الاحتلال بالتوازي مع فشل ذريع في تحقيق أي من أهداف الحرب الاستراتيجية المعلنة وفي مقدمتها القضاء على حركة “حماس”..!

في هذا الاطار وصفت استقالة رئيس المنظومة الدعائية (هسيرا) المدعو موشيك افيف انها (خسارة كبيرة لدولة اسرائيل) على خلفية تعثر في الترويج الدعائي هدف تمويه ما يرتكب من ابادة جماعية وتظهير المواجهة مع حركة حماس حربآ على الارهاب، سيما بعد ان اضحى حل الدولتين مطلبآ دوليآ وشعبيآ عابرآ للحدود..

 تزامنآ، سجلت موجة استقالات خلخلت رعيل القيادة الاسرائيلية الاول، اذ استقال مِن منصبه رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) أهارون هاليفا بعد إقراره بـ”مسؤوليته” عن إخفاقات وفشل في منع وقوع هجوم حركة حماس غير المسبوق على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي، كذلك استقالة المسؤول عن السياسة الأمنية والتخطيط الاستراتيجي في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي يورام حمو فيما المتوقع استقالة رئيس الاركان هرتسي هاليفي ونائبه امير برعام، كما أعلن قائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي اللواء يهودا فوكس قرب طلب اعفائه من مهامه قبل شهر آب المقبل..!

في السياق،، لا تغيير بين اعضاء الحكومة اليمينية المتطرفة، رغم ان التحالف الثلاثي الوزاري كان مهددآ بالانفراط قبل عملية طوفان الاقصى، كما لا تعديل في سياستها وان وجد كُثُر مِن اعضائها ان نتنياهو يتصرف بشكل انفرادي مستقل بمعزل عن قرارات مجلس الوزراء، سيما ان ارباكآ وتخبطآ “وفق ما ذكرنا” يسودان مجلس الحرب الاسرائيلي لجهة تقرير استراتيجية اليوم التالي بعد وقف دائم لاطلاق النار رغم ما يسرب عن خطة تتضمن تقاسم الاشراف عَلى قطاع غزة بين اسرائيل وتحالف مِن الدول العربية مقابل تطبيع العلاقات مع المملكة العربية السعودية..!…!

غدآ ليس يومآ آخر..! انها الفرصة الثانية بعد عملية الطوفان لجهة توحيد الموقف مدعمآ بوحدة القدرات دفعآ لوقف حرب الابادة واقرار وقف دائم لاطلاق النار مع صياغة آلية تمهيدية لاعالة اهل غزة واعادة الاعمار، اذ لا تباشير الصبح بادية تُقرأ أن تغير القمة العربية المنعقدة في المنامة عاصمة دولة البحرين الواقع القاصر عن فرض ارادة عربية جامعة عَلى الكَيان الغاصب مؤزرة بدعم اقليمي ودولي ولو “بالمونة” اذ لا وجود للِكلمة في سياسات الدول حيث إستراتيجياتها واهدافها ومصالحها فوق كل اعتبار…!

عن النبي سليمان وفق ما ورد في توراة العهد القديم ان العالم هو “وادي الدموع” لكن المؤكد ان غزة اصبحت ينبوعه والدماء دموع..!

الكاتب: العميد منذر الأيوبي

*عميد متقاعد، باحث سياسي وإستراتيجي


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal