المتخلّف الطائفي العنصري المقيت…

كتب المحرر السياسي

ربما من مصائب لبنان أن يكون في المشهد السياسي من يجتمع السواد الأعظم من اللبنانيين على كراهيته، وأن يكون هناك من يتعاطى في السياسة بهذه الكيدية والحقد والأنانية والشخصانية، ومن هو مستعد لبيع الوطن والدولة والمؤسسات والناس لتحقيق مكاسب ومصالح على حسابهم من دون أن يرف له جفن، ثم يحاضر بعد ذلك بالعفة والطهارة ومحاربة الفساد.
يتحين الفرص للتحريض طائفيا، ولشحن الشارع على الشركاء في الوطن، تنتابه عقدة نقص من حلفائه وخصومة وحتى من زملائه وأهل بيته، ومن فقدانه النفوذ والسلطة والتسلط، فلا يجد وسيلة يرضي بها غروره سوى النفخ في أبواق الفتن وفي إعتماد قاعدة خالف تعرف، وخالف تحضر، وفي اللجوء الى كل أنواع الشعبوية وهذا هو حال المتخلفين.
يُشكل نموذجا لأسوأ أنواع التناقض، فهو في السلطة والمعارضة، وفي المنظومة السياسية وفي الثورة، يتقدم الفاسدين والمفسدين ويرفع لواء محاربة الفساد، يرتكب الموبقات في السياسة وفي المشاريع التي تفشلها سمسراته وصفقاته وسرقاته ثم يعد بمزيد من هذه المشاريع، متمرس في نشر الرذيلة السياسية والأفكار الهدامة، يهوى العتمة والجفاف والشح، يتسلل كخفافيش ليل لبث التفرقة ونشر الكراهية ونسج المؤامرات، وضرب السلم الأهلي بتسريبات مقصودة تسيء الى مرجعيات ورموز لإرضاء نفسه الشريرة.
يتعاطى مع محيطه بنفس فرعوني، يخنق مؤيديه الذين يتناقصون يوما بعد يوم، يسيء الى حلفائه ويخرج عليهم، يضرب تفاهماته، يخون إتفاقاته، عنصري طائفي حتى النخاع، غايته تبرر الوسيلة، يصطنع المعارك، يخوض حروب طواحين الهواء، يواجه نفسه بنفسه ثم يعلن الانتصارات ويعد بالمزيد.
يختال فخورا بتسجيل النقاط على شركائه في الوطن، متناسيا أن من يدعي الانتصار عليهم هم أم الصبي ودائما ما يعتمدون مقاربات جامعة للقضايا كونهم ليس لديهم عقد نقص، ولا عقد الاقليات التي تقض مضجعه.
وقد آن الأوان أن يقارب ذاك المتخلف الطائفي العنصري المقيت الأمور بمنطق وطني وأن يبتعد عن عقد الأقلوية وأن يتخلى قليلا عن مصالحه وأهوائه، وإذا كان البعض يؤمن بالشراكة والتعايش، وقد أوقف بناء على ذلك كل أنواع العد، فإن خطابه الاستفزازي لشرائح متعددة قد يدفعها الى الاصرار على المطالبة لاحقا باحتساب الأعداد والأحجام والأصوات.
من يدعي الانتصار عليهم اليوم هم الذين يقومون بحمايته وحماية حضوره، إنطلاقا من أن لبنان بلد الرسالة والشراكة والمحبة والعيش المشترك، لكنه يصر على الدخول الى الدرك الأسفل من الزواريب الطائفية على هامش الدولة، وهذا قمة التخلف..


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal