حرب رغيف الخبز متى تنتهي؟… عبد الكافي الصمد

تحوّلت أيّام عيد الأضحى المبارك، في مدينة طرابلس والمناطق المجاورة لها في الكورة والمنية والضنّية وصولاً إلى عكّار، إلى سباق قام به المواطنون من أجل الفوز بربطة خبز لهم ولعائلاتهم، بعدما تقاطروا جماعات وفرادى في مشهد غير مسبوق نحو الأفران التي اصطفت طوابير المواطنين أمامها أمتاراً طويلة.

أسباب عدّيدة دفعت المواطنين إلى التوجّه نحو الأفران قبل عطلة العيد وأثنائها وبعدها، أبرزها سببين، الأول تأمين العائلات خبزاً لها خلال عطلة العيد التي تقفل فيها الأفران عادة وتأخذ خلالها قسطاً من الراحة، في ما يشبه الإجازة غير الرسمية؛ والثاني بعد شائعات تحدثت عن أنّ الطحين قد نفد من عدد كبير من الأفران، التي أقفل بعضها أبوابه وأوقف عمله، ما ينذر بأنّ أزمة خبز كبيرة قد بدأت تطرق الأبواب.

مشاهد الذّل التي عانى منها المواطنون الذين اصطفوا طوابير أمام الأفران لم تمرّ على خير، إذ وقعت خلالها إشكالات عدّة، سواء في طرابلس أو المنية أو الكورة، التي تعرّض فيها بعض النّاشطين للضرب والإعتداء عليهم لأنّهم كانوا يصورون بكاميرات هواتفهم الخليوية إشكالات حصلت أمام فرع فرن لبنان الأخضر في المنطقة، وصولاً إلى البدّاوي التي شهدت وقوع إشكال أمام أفران الريداني، وإطلاق نار، أدى إلى وقوع 3 اصابات أحدهم إصابته خطيرة، قبل أن يتطور الإشكال بين المتخاصمين من عائلتين في البداوي إلى اشتباك مسلح وإطلاق رصاص ورمي قنابل في حي التنك في المنطقة، حيث تقيم العائلتين جنباً إلى جنب.

وفاقم أزمة الخبز تعقيداً إستغلال تجّار وأصحاب أفران وعاملين فيها وأشخاص عاديون ما يحصل من أجل جني أرباح لهم، ولو على حساب لقمة عيش المواطن الفقير، ودمه أحياناً، بعدما تحدثت معلومات عن قيام أشخاص ببيع ربطة الخبز في السّوق السّوداء بأكثر من ضعف سعرها الحقيقي، وسط غياب تام لمراقبي وزارة الإقتصاد وأجهزة الرقابة والأجهزة الأمنية، ما جعل الفوضى تعمّ سوق صناعة الخبز في لبنان، وأن يستغل البعض الأزمة على نحو لا مثيل له من الجشع والطمع واحتكار وتلاعب بسعر ربطة الخبز ووزنها وحجمها وجودتها.

واللافت في الازمة أنّ كلّ هذه الأمور كانت تحصل، والأزمة مستمرة في التفاقم منذ أسابيع وأشهر، من غير أن يتم توقيف صاحب مطحنة أو تاجر قمح أو صاحب فرن أو عامل فيه، أو حتى توقيف عاملين وناشطين في السّوق السّوداء من أجل التحقيق معهم، وإيقاف هذه المهزلة والذلّ الذي يعاني منه المواطنون، خصوصاً بعدما تحدث وزير الإقتصاد وغيره عن وجود كميات من الطحين تكفي السّوق اللبنانية أشهراً، لكن يتم تهريبها إلى الخارج من قبل تجّار، أو احتكارها من قبل تجّار وأصحاب أفران، الأمر الذي جعل المواطن وحده يدفع الثمن، من غير أن تتبرع الدولة والجهات الرسمية للقيام بالحد الأدنى من واجبها، من أجل وضع حدّ لـ”حرب الرغيف” التي تنذر باندلاع “ثورة جياع” في وقت ليس ببعيد إذا استمر الوضع على ما هو عليه.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal