رصاص الإحتفالات الطّائش من يضع حدّاً له؟… عبد الكافي الصمد

طيلة اليومين الماضيين حفلت صفحات ومنصّات وسائل التواصل الإجتماعي بدعوات وُجّهت إلى اللبنانيين تحثّهم على النّزول إلى الملاجىء، مع اقتراب موعد صدور نتائج شهادة الثانوية العامة بفروعها الأربعة.

هذه الدّعوات الممزوجة بمضامين السّخرية والنقد والإستغراب والغضب والإستياء جاءت في أعقاب ما شهدته المناطق اللبنانية على اختلافها من إطلاق رصاص عشوائي إثر صدور نتائج الشّهادة المتوسطة “البريفيه”، وما تركته من سقوط جرحى وتضرّر سيّارات وواجهات البيوت الزجاجية وألواح الطّاقة الشّمسية، فضلاً عن الإنزعاج الواسع الذي تسبّب به إطلاق النّار على نحو عشوائي، خصوصاً أنّه حصل بعد منتصف الليل، بعدما أعلنت وزارة التربية توقيتاً غريباً لصدور هذه النتائج، هو الواحدة بعد منتصف ليل الخميس ـ الجمعة، وهو توقيت لم يعرفه أحد من اللبنانيين من قبل، ما أثار تساؤلات حول إنْ وزارة التربية تدرك ما تفعل من خطوات وما تصدر من قرارات، أم أنّها لا تدرك ذلك نهائياً.

وترافق إطلاق الرصاص العشوائي مع إطلاق المفرقعات النّارية على نحو مزعج جدّاً أثار استياء الاهالي الذين استيقظوا من نومهم مذعورين، خصوصاً الأطفال من بينهم، بعدما تسبّب ذلك بانتشار أجواء الرعب والخوف بينهم، بشكل جعلهم يظنّون أنّ جولة إشتباكات ما إندلعت بين جهات مسلحة إختلفت على أمر ما.

وما أثار الإستياء والإستغراب أكثر من أيّ أمر آخر، أنّ تكلفة الرصاص العشوائي الذي أطلق حينها، وتكلفة المفرقعات النّارية، كانت كبيرة جدّاَ، وأنّ كلّ طلقة أو رصاصة أو مفرقعة نارية يبلغ سعرها ما يوازي سعر ربطة خبز وربما أكثر من ذلك، في بلد بات 85 في المئة تقريباً من سكّانه يعيشون تحت خط الفقر، وبالكاد يحصلون على ربطة الخبز وحبة الدّواء.

كلّ هذه المشاهد المرفوضة والمزعجة والمسيئة حصلت بينما أهالي قسم من الطلّاب في المدارس الرسمية يعجزون سنوياً عن دفع رسوم التسجيل فيبحثون عن متبرّع كي يقوم بدفع الرسوم بدلاً عنهم، ويعجز أغلبهم عن دفع أقساط أولادهم في المدارس الخاصّة وفق الأسعار القديمة وليس الجديدة، في حين أنّ المبالغ التي صُرفت على الرصاص العشوائي والمفرقعات النّارية، سابقاً وحالياً ولاحقاً، تكاد تكفي لدفع رسوم المدارس الرسمية وقسم كبير من أقساط المدارس الخاصّة.

وزاد الطين بِلّة الرصاص العشوائي والمفرقعات التي تطلق بعد إطلاق سراح موقوف من سجن أو من قبل جهاز أمني أوقفه لارتكابه فعل مشين ما، بدلاً من أن يخرج مطأطأ الرأس خجلاً من الذنب الذي اقترفه، والفعل المعيب الذي قام به.

هذه الظاهرة التي تحوّلت إلى مرض إجتماعي خطير، يكبر ويتسع مع مرور الأيّام، من غير أن تفلح كلّ الأزمات الإقتصادية والمالية والمعيشية والإجتماعية التي شهدها لبنان في الآونة الأخيرة من تخفيف وتيرتها، تحتاج إلى من يضع حدّاً فورياً لها، قبل أن تخرج عن السيطرة وتتحوّل إلى كابوس يؤرق اللبنانيين على مدار السّاعة، ويُحوّل حياتهم إلى جحيم.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal