هوكشتاين متفائل بـ″الترسيم″.. لكن الأمور بخواتيمها!… غسان ريفي

أعطت الزيارة القصيرة للمفاوض الأميركي آموس هوكشتاين الى لبنان حيث إلتقى الرؤساء الثلاثة وقائد الجيش ومدير عام الأمن العام، بعضا من التفاؤل حول الوصول الى صيغة توافقية حول ملف ترسيم الحدود، حيث من المفترض أن يقدم الراعي الأميركي مسودة بنود بناء على الملاحظات التي سيقدمها لبنان والعدو الاسرائيلي لبحثها ومناقشتها من قبل الطرفين تمهيدا لبلوغ إتفاق نهائي يضع حدا لهذه المفاوضات المستمرة منذ عشر سنوات.

كان لافتا أن هوكشتاين لم يعط أي أهمية للخط 29، حيث إعتبر أن الأوراق المقدمة الى الأمم المتحدة هي فقط من أجل تحسين الشروط من قبل لبنان وإسرائيل على حد سواء، مشددا على أن التفاوض يتم على الخطوط الممتدة من 1 الى 23، ما يعني أن لبنان يتجه للموافقة على الاقتراحات الأميركية المتعلقة بتوزيع أماكن وجود الغاز، وإلغاء الخطوط، والترسيم على أساس الآبار والحقول (قانا للبنان وكاريش لاسرائيل) من دون الدخول الى صيغة الترسيم الجغرافي التي قد تنتج حقولا مشتركة قد يؤدي إستثمارها الى نوع من التطبيع المرفوض لبنانيا.

لا شك في أن القادم من الأيام سيكون ضاغطا على لبنان الذي قد يواجه أطماعا إسرائيلية تحاول أن تقضم ما أمكن من حصته، وربما يترافق ذلك مع هوى أميركي لصالح العدو، في حين يفترض بحسب ما جاء به هوكشتاين أن يمارس الأميركي ضغطا كبيرا على الاسرائيلي للحد من هذه الأطماع ليتمكن لبنان من الاستفادة من هذه الثروة لا سيما في ظل الظروف الاقتصادية العصيبة التي يرزح تحت وطأتها.

كما سيترجم هذا الضغط في موضوع الكهرباء الذي تحدث عنه هوكشتاين بصراحة الى الزميلة رنيم أبو خزام ضمن نشرة أخبار المؤسسة اللبنانية للارسال LBC، حيث ربط زيادة ساعات التغذية الكهربائية عبر الغاز المصري وشبكة الكهرباء الأردنية بتمويل من البنك الدولي، بالاصلاحات التي ستجريها الحكومة في قطاع الكهرباء لكي يتمكن لبنان من تسديد الديون للبنك الدولي وصولا الى قدرته على تأمين الغاز المطلوب للتغذية الكهربائية على مدار الساعة بشكل ذاتي، لأنه لا يجوز أن يعتمد تارة على الأردن وتارة أخرى على مصر وطورا على سوريا التي لن تُرفع عنها عقوبات قانون قيصر لكن سيكون هناك إستثناء في أن تأخذ كمية من الغاز كبدل مرور الى لبنان، وربما هذا ما تنبه له رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي قبل أيام عندما رفض إعطاء سلفة للكهرباء أو إدخالها في الموازنة العامة، حيث أكد أنه “إما أن تكون الكهرباء دائمة وإما لا تكون”، رافضا منطق السلف المستمرة منذ عقود من دون أن تؤمن الكهرباء أو الاصلاحات المطلوبة في هذا القطاع والتي باتت اليوم شرطا على لبنان للحصول على مزيد من ساعات التغذية.

أظهر هوكشتاين تفاؤلا وإرتياحا لنتائج زيارته الى لبنان هذه المرة بوضع ملف الترسيم على نار حامية، حيث بدا وكأنه متيقنا بأن إتفاق الترسيم سيأخذ طريقه نحو التنفيذ، لذلك سارع الى إسداء النصائح للبنان بضرورة مساعدة نفسه والتخلي عن الخلافات السياسية لا سيما في هذا الملف، والقبول بهذا الترسيم لتحقيق الأرباح من خلال إستثمار الغاز والدخول الى سوق شرق المتوسط، وإحياء الطبقى الوسطى وتنمية الأعمال والمشاريع الصغيرة، والعمل على تأمين الغاز لتغذية كهربائية دائمة.

يغادر هوكشتاين لبنان، ليبدأ بوضع المسودة التي ستبحث بشكل غير مباشر بين لبنان والعدو الاسرائيلي، فهل يصل الى النتائج الايجابية المرجوة لتكون الأمور بخواتيمها؟، أم أن الشيطان سيكمن أيضا في التفاصيل، ليجد لبنان نفسه أمام إعتداء إسرائيلي من نوع جديد لا يمكن القبول به؟.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal