بعد قرار الدستوري الأنظار في أربعة اتّجاهات… عبد الكافي الصمد

فور إعلان رئيس المجلس الدستوري القاضي طنّوس مشلب، اليوم، عقب انتهاء جلسة المجلس، وإعلانه أنّ المجلس لم يتوصّل إلى تأمين أكثرية من 7 أعضاء على جميع النّقاط المطروحة في الطعن المُقدّم من تكتل لبنان القوي برئاسة النّائب جبران باسيل، توجّهت الأنظار في أكثر من اتجاه، نظراً لما تركه قرار المجلس الدستوري من تداعيات على مستويات عدّة.

أولى الأنظار توجّهت إلى التسوية السّياسية التي كثُر الحديث عنها في الآونة الأخيرة، والتي جاء قرار المجلس الدستوري ليعلن دفنها في مهدها، وأثبت القرار بأنّ ما جرى أمس يعني فشل الإتصالات السّياسية التي نشطت في الأيّام الأخيرة بهدف التّوصل إلى “تسوية”، تقوم على تدخل رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي لدى المجلس الدستوري من أجل قبول الطعن، مقابل موافقة باسيل على تمرير تأليف لجنة تحقيق في انفجار مرفأ بيروت، الذي حصل في 4 آب 2019، بالتالي وضع المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء يده على الشِّق المتعلق بالسّياسيين المُدّعى عليهم من قبل المحقق العدلي.

سقوط “التسوية” يعني إغلاق باب الحلّ أمام إيجاد مخرج للأزمة السّياسية في البلاد التي شلّت مجلس الوزراء ومنعت إنعقاده، منذ آخر جلسة عقدها في 12 تشرين الأوّل الماضي، وجاء قرار المجلس الدستوري الأخير ليجعل إمكانية إنعقاد الحكومة في موعد قريب أمرٌ بالغ التعقيد والصعوبة.

ثاني الأنظار توجّهت إلى باسيل بعد “الصفعة السّياسية” التي تلقاها، وعن مستقبل علاقته مع حليفه الأبرز حزب الله، بعدما اتهم رئيس “التيّار البرتقالي” على نحو مباشر وعلانية “الثنائي الشيعي”، أيّ حزب الله وحركة أمل، بأنّهما يقفان خلف قرار المجلس الدستوري، بـ”التحالف مع منظومة متحالفة مع بعضها في عهد الرئيس ميشال عون”، ومعلناً أنّه ستكون لهذا القرار “مترتبات سياسية”.

ثالث الأنظار توجّهت إلى الإنتخابات النّيابية المقبلة من أجل معرفة مصيرها، وهل ستجري في موعدها صيف العام المقبل أم لا، أم أنّ التمديد بات أمراً مرجّحاً في ضوء الإشتباك السّياسي الذي يُنتظر أن يبلغ في الأيّام المقبلة سقوفاً مرتفعة، من شأنه أن يمنع التوافق بين أهل السّلطة على أيّ ملف، ولو كان صغيراً، فكيف الحال في ملف حاسم ومصيري كملف الإنتخابات النيابية.

ونبع الخوف على الإنتخابات النّيابية واحتمال عدم إجرائها في وقتها من أنّ القانون الذي طالب تكتل لبنان القوي بتعديله لم يؤخذ به، أيّ أنّ المغتربين سيقترعون كلّ في دائرته الإنتخابية في لبنان من أجل اختيار 128 نائب، وهو اقتراع وجد مراقبون أنه سيكون له تأثير بالغ على وضع باسيل وتيّاره في قضاء البترون ودائرة الشّمال الثالثة التي تضم أيضاً أقضية زغرتا والكورة وبشري، بعدما كشفت أرقام المغتربين الذين سجلوا أسماءهم في الخارج بهدف الإقتراع أنّ أقضية هذه الدائرة تحتل المرتبة الأولى بين الأقضية اللبنانية لجهة عدد المغتربين المسجلين، أيّ أنّ تأثيرهم سيكون كبيراً في تحديد نتائج الإنتخابات، وهو أمرٌ لعله شكّل هاجساً لباسيل الذي طالب بتعديل قانون الإنتخابات لإبعاد الكأس المرّة عنه، لكنّه لم يفلح.

أمّا رابع الأنظار فستكون موجّهة إلى قصر بعبدا، حيث لن يقف رئيس الجمهورية ميشال عون مكتوف الأيدي وهو يرى خصومه السّياسيين يعملون على تحجيمه وتكبيل يديه في آخر سنة من عهده، ما سيجعل العام المقبل حافلاً بكلّ أشكال التطوّرات، سواء المتوقّعة منها أم غير المتوقعة.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal