عامٌ كارثي مضى وعامٌ غير مطمئن مقبل… عبد الكافي الصمد

يومان ويطوي عام 2021 صفحته، مقفلاً أبوابه على تطوّرات دراماتيكية أصابت اللبنانيين في الصميم، ما تجعلهم لا يتأسّفون على رحيله، ويأملون أن يكون العام المقبل أفضل من سلفه، برغم أن مؤشّرات العام الجديد لا تعطي إنطباعاً بذلك.

تكفي مقارنة ما شهدته أيّام العام الذي سينقضي للتأكّد من ذلك. فعندما دشّن عام 2021 أوّل أيّامه كان سعر صرف الدولار 8500 ليرة لبنانية، وها هو يقفل سعره أواخر هذا العام على 27500 ليرة، أيّ أكثر من ضعفين، ما جعل قيمة رواتب اللبنانيين أقلّ بكثير من تكلفة معيشتهم، ودخل الجوع والفقر والعوز إلى كلّ بيت تقريباً.

وعاش لبنان أزمة سياسية شلّت البلد، إذ بقي لبنان بلا حكومة منذ استقالة حكومة الرئيس حسّان دياب أشهراّ طويلة بسبب عدم قدرة الرئيس المكلف سعد الحريري على تأليف حكومة جديدة، وعندما اعتذر كُلّف الرئيس نجيب ميقاتي تأليف حكومة جديدة، لكنّ حكومته عاشت الإنقسامات والخلافات السّياسية إيّاها، إذ لم تعقد بعد تأليفها سوى ثلاث جلسات، كانت آخرها في 12 تشرين الأول الماضي، قبل أن تتسبّب الخلافات السّياسية في شلّ عمل الحكومة وتعطيلها منذ ذلك الحين.

وشهد العام الذي سينقضي هجرة لبنانية واسعة، كان أغلبها من أصحاب الكفاءات والشهادات العليا، ومن أطباء ومهندسين وأصحاب رؤوس أموال، وحرفيين وعمّال وطلبة علم، لم يتردّدوا في حزم حقائبهم ومغادرة البلد، نهائياً أو مؤقّتاً، وهو مشهد عاشته مراكز الأمن العام في كلّ المناطق بلا استثناء لجهة إقبال المواطنين عليها لإنجاز جوازات سفرهم التي تضاعف عددها هذه العام أكثر من ضعفين.

ورزح اللبنانيون هذا العام تحت ضائقة معيشية خانقة إرتفعت معها أسعار سلع الغذاء الأساسية والمحروقات والادوية أضعافاً عدّة، إلى حدّ بات معه تأمين لقمة الخبز مهمّة صعبة جداً للبنانيين، في  بلد أشارت آخر التقديرات بأنّ 82 في المئة من سكّانه فقراء أو يعيشون تحت خط الفقر.

ما سبق لا يعني أنّ العام المقبل بعد 48 ساعة سيكون أفضل، فلا مؤشّرات إيجابية تدلّ على أنّ الأزمة المعيشية والإقتصادية والمالية في طريقها إلى الحلّ، بسبب شحّ خزينة الدولة من العملات الصعبة، وغياب المساعدات والإستثمارات الخارجية وانعدام الثقة العربية والدولية ببلد الجميع يشكو من فساد وفشل طبقته السّياسية، وضعف بنيته التحتية، وأنّ الإستثمار فيه مشروع خاسر سلفاً.

هذه الأزمات إنسحبت على الواقع السّياسي الذي ينتظر أن يشتدّ تأزّماً في العام المقبل، الذي لا تشير معطياته أنّه سيشهد إنفراجاً في أزمته الحكومية، وفي أن يجري إستحقاق الإنتخابات النيابية في موعدها، وتجديد الحياة السياسية معها، وفي أن ينتهي عهد رئيس الجمهورية ميشال عون، وتسليم منصب الرئاسة الأولى إلى خلفه، من دون مزيد من التشرذم والإنقسام الداخلي.

يبقى أنّ ما يقلق اللبنانيين ويثير في نفوسهم الخوف أن يستمر واقع البلد الأمني في التفلّت أكثر خلال العام المقبل، من سرقات وتعدّيات، وإشكالات يومية يرافقها إطلاق رصاص وسقوط جرحى وضحايا، وصولاً إلى عودة الإقتتال بين “الشّعوب اللبنانية” كما كان أيّام حرب أهلية سابقة ما تزال آثارها المدمّرة ماثلة للعيان.


Related Posts


  

Post Author: SafirAlChamal