هل سيمتدّ الفراغ الحكومي حتى نهاية العهد؟… عبد الكافي الصمد

بات اعتذار رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري مسألة وقت. هذه العبارة هيمنت على أغلب المواقف السّياسية في الآونة الأخيرة، وجعلت الجميع مقتنع بأنّ الحريري لم يستطع تجاوز العراقيل الداخلية والخارجية التي تعترضه في مسألة التأليف.

في الدّاخل لم يعد خافياً أنّ شروط التأليف التي يضعها الحريري من جهة، ورئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه السّياسي من جهة أخرى، تحول دون التوصّل إلى اتفاق الحدّ الأدنى ممّا يعجّل بولادة الحكومة. وخارجياً بات واضحاً بأنّ الفيتو السّعودي على الحريري يكبّله ويمنعه من الإقدام على خطوة التأليف بعيداً عن رضى المملكة، بانتظار إنفراج ما لم يحصل بعد.

وبمعزل عن مواقف الدّاخل والخارج من مسألة تأليف الحكومة، فإنّ مراقبين يذهبون إلى أنّ الحريري يتجاذبه رأيان حول الملف الحكومي: الأوّل أنّ تأليفه الحكومة في هذه الظروف الصعبة، إقتصادياً ومالياً، سيجعله تحت ضغوط كبيرة جدّاً، لأنّه إذا لم يستطع إيجاد مخارج وحلول، ولو جزئية، لهذه الأزمات، فإنّ الافضل له حسب الرأيّ الثاني ـ نفض يديه من أمر التأليف، ورمي كرة النّار بعيداً عنه، لأنّ أيّ تكليف إذا لم يحصل على تأييد داخلي واسع ودعم خارجي فإنّه سيكون “محرقة سياسية” لصاحبه.

إلا أنّ بعض المراقبين يضيفون رأيّاً ثالثاً هو أن اعتذار الحريري عن التأليف سيجعل مستقبله السّياسي، ومستقبل تيّاره، في خطر كبير، وهو ما يجعله يتريّث ويعدّ للمئة قبل إقدامه على هكذا خطوة غير محسوبة جيداً.

غير أنّ المسألة لا تقف عند هذا الحدّ. فأغلب الأسباب التي قد تدفع الحريري إلى تقديم اعتذاره، باستثناء الموقف السّعودي لحسابات خاصّة به تحديداً، تنطبق على شّخصيات سنّية أخرى تفضّل إبعاد هذه الكأس عنها، حتى الشخصيات المقربة من الحريري والتي أشيع أنّه قد يسمّي إحداها لهذه المهمّة عوضاً عنه إذا ما اعتذر، لأنّ هذه الشّخصيات سوف تصطدم بالعقبات الداخلية والخارجية ذاتها تقريباً، ما يجعلها تفضّل البقاء بعيداً عن قبول هذه المهمّة؛ ولعلّ رفض رئيس الحكومة تمّام سلام تكليفه، بعدما استمزج رأيّه، خير دليل على ذلك.

ماذ يعني ذلك؟ يذهب أغلب المراقبين إلى أنّ أشهر الصيف المقبلة ستكون صعبة جدّاً على لبنان واللبنانيين، وأنّ تأليف حكومة في هكذا ظروف يبدو أمراً غير ممكن، لأنّ إجراء إستشارات نيابية جديدة وتكليف شخصية غير الحريري لهذه المهمّة، سيستغرق وقتاً ليس بالقليل، وهو أمر متوقع كون الحريري أمضى أكثر من 8 أشهر رئيساً مكلفاً ولم يستطع التاليف، عدا عن أنّ موعد الإنتخابات النيابية المقبلة سيحلّ بعد 10 أشهر، وبالتالي فإنّ أيّ حكومة مقبلة ستكون حكومة إنتخابات فقط، ما يعني أنّ أيّ حكومة مقبلة لن تستطيع تحقيق أيّ إنجاز إقتصادي ومعيشي، كما أنّ الإنقسامات الداخلية حول الإنتخابات المقبلة ستكون على أشدّها، كلّ ذلك يدفع إلى اقتناع أكثر من طرف داخلي على أنّ الفراغ الحكومي سيستمر حتى نهاية العهد، وستملأ الحكومة المستقيلة الفراغ الرئاسي المرتقب، وأنّ تمديد ولاية المجلس النيابي الحالي قبل ذلك ستكون أمراً واقعاً، وكلّ ذلك سيجري وسط اشتداد وطأة الأزمات على اللبنانيين، وتفاقمها.


مواضيع ذات صلة:


Post Author: SafirAlChamal