قراءة في المشهد السياسي.. لماذا جاء تكليف الحريري هزيلا؟!… غسان ريفي

إنتظر اللبنانيون مبادرة سياسية إنقاذية من رئيس الجمهورية ميشال عون عشية الاستشارات النيابة الملزمة تساهم في إخراج البلد من أزماته، فجاءهم خطاب رئاسي عمّق من الانقسام وتنصل من مسؤوليات الانهيار وحمّلها الى كل المكونات اللبنانية، وطرح أسئلة لطالما رددها المواطنون وطالبوا بالحصول على أجوبة شافية لها من السلطة الحاكمة، ما إنعكس سلبا على صورة عون الذي يتطلع إليه كثير من المواطنين بأنه بات يفتقد الى صفة الرئيس الحكم والجامع، ويبدو طرفا سياسيا يقدم مصلحة فريق على آخر.

مع إنطلاق الاستشارات النيابية الملزمة صباح أمس، وفي اللقاء الأول الذي جمع بين عون والرئيس ميقاتي الذي أعلن رسميا تسمية الرئيس سعد الحريري بعدما كان رشحه من خلال مبادرته بتشكيل “حكومة تكنوسياسية”، حضر خطاب عون وكان مدار بحث بين الرجلين حيث نصح ميقاتي رئيس الجمهورية بأن “يكون دائما أبا لجميع اللبنانيين، وحكما كما ينص الدستور وليس طرفا بأي شكل من الأشكال”.

لا شك في أن خطاب عون وما تضمنه من هجوم غير مباشر على الرئيس سعد الحريري أرخى بظلاله على الاستشارات النيابية الملزمة التي لو جرت في ظروف طبيعية لكان حتما الحريري رفض التكليف الذي جاء هزيلا بـ 65 صوتا فقط، بعدما حجبت كتل أساسية أصواتها عنه بفعل حالة الانقسام التي نتجت عن موقفين إثنين:

الأول خطاب الرئيس عون وإيحائه برفض تكليف الحريري.

والثاني طرح “زعيم المستقبل” تشكيل حكومة إختصاصيين ومستقلين الأمر الذي إعتبرته كتل نيابيه بمثابة محاولة لخداعها حكوميا وإلغاء لتمثيلها، فلم تتوان عن التحريض عليه، ما أدى الى تصويت محدود له في الاستشارات النيابية، وفق قاعدة (إذا كنت تريد إلغائي فلماذا أمنحك صوتي).

يمكن القول إن طرح الحريري جاء إستفزازيا لكثير من الأطراف السياسية التي سارعت الى تصفية حساباتها معه في الاستشارات النيابية بحجب أصواتها عنه، فجاء تكليفه بأصوات محدودة، وهي نتيجة منطقية لتجاهل الحريري لمبادرة الرئيس نجيب ميقاتي التي تحاكي الواقعية السياسية، وتشرك المكونات الأساسية بإعطائها صفة “وزير دولة”، الأمر الذي يصيب اكثر من عصفور بحجر واحد لجهة الالتزام في التكليف، والسرعة في التأليف، والقوة لموقع رئاسة الحكومة لما يمكن لهذه المبادرة من أن تحظى بشكل من أشكال الاجماع الوطني.

ويعني ذلك، بحسب مصادر سياسية مطلعة أن الرئيس الحريري دفع الثمن بالتكليف، وسوف يدفع الثمن في التأليف كما أوحت بعض التيارات السياسية سواء التي سمته أو التي حجبت أصواتها عنه، بفعل عدم إلتزامه بمبادرة الرئيس ميقاتي.

وتخشى هذه المصادر من أن يكون التكليف الذي ولد قيصريا، وما قد يليه من صعوبة في التأليف بفعل الشروط والشروط المضادة وإيحاء رئيس الجمهورية بانه يمتلك سلاح التوقيع، مقدمة لاستمرار الاطباق على إتفاق الطائف، خصوصا أن أصواتا كثيرة بدأت تتحدث عن جدوى إتفاق الطائف وصولا الى المطالبة بإلغائه.

وتؤكد المصادر نفسها أن الطائف ليس منزلا أو مقدسا، ولكن أي عقد إجتماعي جديد لا يمكن أن يبصر النور في ظل الخلل القائم في التوازن السياسي، ولا يمكن أن يكون على حساب طائفة دون أخرى،  وأي تهميش قد يطال أي مكون لبناني سوف يؤدي الى أزمة وطنية عميقة لبنان اليوم بغنى عنها.

وتلفت أوساط متابعة الى أن ما يشهده لبنان قد يتجاوز بأشواط الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والانسانية نحو اللعب بالاستقرار الأمني، معربة عن خشيتها من إستغلال الظروف المعيشية لتنفيذ بعض المآرب الخبيثة، ومن زج طرابلس في اللعبة الأمنية وتحويلها الى مسرح لها، خصوصا أن ثمة سوابق عدة في هذا المجال، الأمر الذي قد يدفع الى تحرك إستباقي من قيادات المدينة لحماية الفيحاء وأهلها ومنع إعادة عقارب الساعة الى الوراء.


مواضيع ذات صلة:

  1. جريمة كفتون.. أنقذت لبنان!.. غسان ريفي

  2. في كانون الأول المقبل.. لبنان يكون أو لا يكون!… غسان ريفي

  3. لغة العالم لا تفهمها السلطة.. والعهد يطلق النار على نفسه!… غسان ريفي


 

Post Author: SafirAlChamal