الحريري في ذكرى اغتيال والده: حَرجٌ يعكس عمق أزمته… عبد الكافي الصمد

تحلّ يوم الجمعة المقبل، في 14 شباط الجاري، الذكرى الـ15 لاغتيال الرئيس رفيق الحريري التي وقعت في 14 شباط 2005، وسط تساؤلات واسعة وجدّية عن المآلات التي وصلت إليها الذكرى، في أعقاب التراجع الدراماتيكي الذي أصاب تيّار المستقبل الذي أسّسه الرئيس الشهيد في السنوات الأخيرة، وكيف تحولت جريمة الإغتيال إلى مجرد ذكرى عابرة، بعدما كانت في السنوات الأولى التي أعقبت الإغتيال الشغل الشاغل للبنانيين على اختلاف توجهاتهم.

فبعدما كانت الذكرى مناسبة لامتلاء السّاحات بحشود الجماهير التي كانت تتدفق إليها من كل المناطق، وخصوصاً ساحة الشهداء، تحوّلت لاحقاً بفعل تراجع الإهتمام الشّعبي بها، والتراخي والأزمات البنيوية الذي أصابت تيار المستقبل وفريق 14 آذار، إلى مجرد مناسبة تنظم في قاعة مغلقة، إبتداءً من عام 2012، يقتصر الحضور فيها على قيادات وكوادر التيار الأزرق وحلفائه في الأحزاب والتيارات السّياسية الأخرى، وحضور شعبي خجول.

ومثلما كانت ذكرى 2012 مفصلية في الشكل، بانتقالها من السّاحة إلى القاعة، فإن ذكرى الأسبوع المقبل ستكون مفصلية ومصيرية على صعيد المضمون، نظراً للتطورات الكثيرة والتحوّلات الهامّة التي طرأت في السنوات الأخيرة.

أبرز هذه التطوّرات ـ التحوّلات ترجمت في الأزمة البنيوية التي يعاني منها تيّار المستقبل، سياسياً وتنظيمياً ومالياً، من رأس الهرم المتمثل بزعيمه الرئيس سعد الحريري وصولاً إلى قاعدة التيار، بشكل جعلته يعاني من أزمة فعلية تتعلق بمدى قدرته على تأمين حشد جماهيري أزرق واسع للمشاركة في الذكرى، في ضوء الأزمات والإنقسامات الداخلية في صفوفه.

يضاف إلى ذلك “الحرج” السّياسي الواسع الذي سيجد الحريري نفسه واقعاً فيه، لجهة توجيه الدعوات أو عدمها إلى الجهات الرسمية والسّياسية لحضور مهرجان الذكرى؛ فهل سيدعو الحريري رئيس الجمهورية ميشال عون لحضور المناسبة أم لا؟، وهل سيؤثر سقوط التسوية الرئاسية التي أبرمها الحريري مع عون قبل أكثر من ثلاث سنوات ونيّف على ذلك؟، وكيف سيبرر أمام قاعدته الشعبية حضور عون أو من يمثله، فضلاً عن حضور رئيس التيّار الوطني الحر النائب جبران باسيل بعد حملة التراشق السياسي والإعلامي الواسعة بين الطرفين؟

ومثلما سيكون حضور عون وباسيل مشكلة وغيابهما مشكلة أيضاً، فإنّ الحريري يواجه مشكلة مزدوجة تتمثل في دعوة وحضور رئيس الحكومة حسّان دياب أو عدم دعوته وغيابه، فهل في مقدور الحريري توجيه الإنتقادات للعهد والحكومة في حضورهما أو من يمثلهما؟، وهل بإمكانه ضبط جمهوره إذا خرج على “اللياقات” وأطلق هتافات تطال عون ودياب؟، والأمر ذاته يسري أيضاً على القوات اللبنانية ورئيسها سمير جعجع، فهل بإمكان الحريري وجمهوره “هضم” دعوة جعجع لحضور المناسبة بعد اتهامه بالغدر والخيانة والطعن في الظهر لأنه رفض تسمية الحريري في الإستشارات النيابية الملزمة التي جرت في 19 كانون الأول الماضي؟.

يضاف إلى ذلك أزمة طارئة تشكل معضلة حقيقية للحريري وتيّاره لم يسبق لهما أن تعرّضا لها من قبل، فكيف سيكون موقفهما إذا قام المحتجّون والحراك الشعبي بمحاولات قطع الطريق على الذاهبين للمشاركة في الذكرى، أو التشويش عليها داخل القاعة المزمع تنظيمها فيها أو خارجها، في مشهد سياسي ـ شعبي غير مألوف ولا مسبوق، فكيف سيتصرف الحريري وتيار المستقبل إزاء هذا الواقع المستجد؟، وهل سيكون إلغاء الإحتفال بالذكرى ـ لاعتبارات وحجج مختلفة ـ مخرجاً للحرج الكبير الذي ينتظره؟، أم ستتحول الذكرى فرصة لاستعادة الحريري بعضاً من حضوره السّياسي والشعبي الذي خبا مؤخراً؟، أم ستكون محطة إضافية من مسلسل تراجع الحريري وتياره وضمور حضورهما على كل المستويات؟.


مواضيع ذات صلة:

  1. خلاف المستقبل ـ القوات: حكومة دياب المستفيد الأوّل… عبد الكافي الصمد

  2. الباب السّوري مخرجٌ لأزمات لبنان الإقتصادية.. هل تطرقه حكومة دياب؟… عبد الكافي الصمد

  3. مشاركة المستقبل في جلسة الموازنة ″سرّ″ غياب المحتجّين؟… عبد الكافي الصمد

  4. دعوات إعادة فتح ساحة كرامي (النّور) مشبوهة.. أم لصالح الحَراك؟… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal