دعوات إعادة فتح ساحة كرامي (النّور) مشبوهة.. أم لصالح الحَراك؟… عبد الكافي الصمد

هل سيعاد فتح ساحة عبد الحميد كرامي (النّور) مجدّداً أمام المواطنين، وسترفع من وسطها الخيم والبسطات والعربات الجوالة ومنصّة الخطباء وغيرها، وهل ستزال المكعبات الإسمنتية التي وُضعت عند مداخل السّاحة الستّة، تمهيداً لإعادة ضخّ الحياة إلى سابق عهدها في أشهر ساحة عرفتها طرابلس في السنوات الأخيرة؟

يوم السبت الماضي في 25 كانون الثاني الجاري، وفي ذكرى مرور 100 يوم على اندلاع شرارة الحراك الشّعبي الإحتجاجي في 17 تشرين الأول الماضي، سرت شائعات عن أن هناك توجّه لإعادة فتح السّاحة مجدّداً أمام المواطنين، من أجل تسهيل حركة المواطنين، الذين باتوا يعانون الأمرّين خلال تنقلهم في شوارع المدينة، بسبب الإزدحام الخانق الذي يسبّبه إغلاق السّاحة.

هذه المعاناة زاد منها في الآونة الأخيرة قيام المحتجّين بإغلاق وقطع طرقات وساحات أخرى في المدينة، بشكل باتت معه حركة الإحتجاجات تتنقل من شارع إلى آخر، حتى باتت طرابلس كلها تقريباً تعيش واقعاً صعباً يشبه واقع ساحة الإعتصام من شلل وفوضى وتسيّب وإشكالات متنقلة، ومن إحراق إطارات سيارات، جعل من يعانون من مرض الربو، إضافة إلى الأطفال وكبار السنّ والنّساء، يزداد واقعهم الصحّي تدهوراً وصعوبة.

أمر آخر جعل من يدعون لإعادة فتح ساحة الإعتصام بشكل طبيعي يرفعون صوتهم، تمثل في تراجع واضح بأعداد المحتجّين الذين كانوا يرتادوها يومياً، وهو أمر لوحظ في الآونة الأخيرة بشكل ظاهر، حتى باتت السّاحة شبه خالية على مدار اليوم تقريباً، بشكل اعتبروا معه أنّه لم يعد مجدياً إبقاء السّاحة مغلقة. وانّ إغلاقها بات يلحق بالحراك ضرراً مباشراً وكبيراً أكثر ممّا يعود عليه بالفائدة.

لكن هذه الدعوات لقيت من قبل القائمين على الحراك الشّعبي رفضاً واسعاً، إلى حدّ أن بعض المنضوين في الحراك وتحت راياته المتعدّدة إعتبروا هذه الدعوات “مشبوهة” و”غير مقبولة”، ورأوا أن الدعوات إلى إعادة فتح ساحة الإعتصام مجدّداً أمام المواطنين بشكل طبيعي، الهدف منها إلغاء وجود السّاحة التي باتت رمزاً من رموز إستمرار “الثورة”، ما جعلهم يدعون إلى تنفيذ إعتصامات وتجمّعات ومسيرات تنطلق من الساحة وتجوب شوارع المدينة قبل أن تعود إليها، إعتراضا على هذه الدعوات.

غير أن الدّاعين إلى إعادة فتح السّاحة مجدّداً إنّما فعلوا ذلك حرصاً على “الثورة”، ودفاعاً عنها وحرصاً عليها، بعدما وجدوا أن إبقاء السّاحة مغلقة واستمرارها على هذا النحو إنّما هو إستنزاف للحراك وإجهاضاً لأهدافه، وأن الإستمرار في إغلاق السّاحة بات محل استياء من قبل المواطنين، الذين على “الثورة” أن تكسبهم إلى جانبها وليس العكس.

ويقدّم الدّاعون لإعادة فتح السّاحة مجدّداً إقتراحات بديلة من شأنها الإبقاء على شعلة “الثورة” متقدة، كما هو الحال في فرنسا والجزائر مثلاً. ففي هذين البلدين إنطلقت شرارة إحتجاجات واسعة ضد السلطة قبل اندلاع شرارة الحراك في لبنان، ولكن القائمين على الحراك في فرنسا إختاروا يوم السبت من كلّ أسبوع لشلّ فرنسا كلّها بتحرّكات واعتصامات تأخذ غالباً طابعاً عنفياً، وفي الجزائر إعتمدوا يوم الجمعة للسبب نفسه، وبناء على ذلك، وبهدف الإستفادة من تجارب الآخرين التي نجحوا بها، يمكن للقائمين على الحراك في لبنان إختيار يوم يقومون به بتحرّكاتهم، على أن يتركوا بقية أيّام الأسبوع تمرّ بشكل طبيعي. فهل تلقى هكذا دعوات آذان صاغية، أم يبقى الوضع على ما هو عليه برغم ما يحمله من مخاطر مستقبلية؟


مواضيع ذات صلة:

  1. قراءة مُبكّرة في حكومة دياب: ما لها وما عليها… عبد الكافي الصمد

  2. مساران يضغطان على حكومة دياب .. داخلي وخارجي… عبد الكافي الصمد

  3. الحريري وحيداً بلا حلفاء أو أصدقاء… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal