الحراك الشّعبي في قفص الإتهام!… عبدالكافي الصمد

عشرون يوماً مرّوا على انطلاق الحراك الشعبي الإحتجاجي على سياسة الحكومة الضرائبية، والدعوة إلى مكافحة الفساد وإرساء الشفافية ودولة العدالة الإجتماعية، وهي مدّة زمنية إتضح خلالها أن موجة الإعتراضات الشعبية الواسعة قد بدأت تنحرف عن مسارها وهي في طريقها لأن تتحوّل إلى فوضى، وأن تتسبب بحصول إنقسام سياسي وطائفي ومذهبي وإجتماعي في لبنان، ربما سيكون من الصعب رأبه مستقبلاً.

أبرز معالم إنحراف الحراك الشّعبي عن مساره، تحوّله من إحتجاج في وجه الطبقة السّياسية إلى احتجاج في مواجهة المواطنين، الذين باتوا أكبر طرف متضرّر منه، وذلك نتيجة إغلاق المحتجّين للطرقات أمامهم، بأساليب أقرب ما تكون إلى ممارسات الميليشيات في أيام الحرب الأهلية، وإقفال الجامعات والمدارس والمعاهد ما بات يهدد مستقبل الطلاب ككل وضياع العام الدراسي عليهم، فضلًا عن الضرر الذي يسببه الحراك في شلّ حركة الأسواق وتوقف أعمال الشركات والمؤسسات ما أوقعها تحت خسائر كبيرة، فضلاً عن تهديد مصير آلاف الموظفين والعمال الذين توقفت أشغالهم وباتوا مهدّدين بتوقف رواتبهم والصرف من وظائفهم.

الحراك الشعبي الذي بدأ في 17 تشرين الأول الماضي، إستطاع كسب واستمالة فئات واسعة من المواطنين تضامناً معه، وعمّ ذلك جميع الأراضي اللبنانية، لكن هذا التضامن الشّعبي معه بدأ يفقده شيئاً فشيئاً، إذ بدلاً من تصويب سهامه باتجاه أركان السلطة، من الحكومة إلى مجلس النواب والوزراء والنواب، صوبها باتجاه المواطنين الذين عانوا الأمرّين في الأيام العشرين التي مرّت من عمر الحراك.

الشكاوى الكثيرة من ممارسات غير مسبوقة وغير مقبولة قام بها بعض المنضوين في فاعليات الحراك، من أفراد وهيئات، جعل الجيش اللبناني والقوى الأمنية تحت ضغط مزدوج، فإضافة إلى الحرص على أمن المحتجّين والسّماح لهم بحرية التعبير عن مواقفهم، كان هناك دعوة إلى حرص مماثل على المواطنين من جهة تأمين حقهم في التنقل ووصولهم إلى اشغالهم ومنازلهم، ومنع المحتجين من تجاوزهم للقوانين وأبرزها قطع الطرقات.

يوم أمس قام الجيش اللبناني والقوى الأمنية بخطوات ملموسة على الأرض لضمان حقوق وحرّية المحتجّين والمواطنين على حدّ سواء، بالسّماح للمحتجين بالتظاهر والإعتصام، مقابل عدم إقفال الطرقات أو إغلاق أبواب مؤسسات وإدارات عامة ومؤسسات رسمية وجامعات ومدارس ومعاهد ومصارف وغيرها، وبالمقابل ضمان حقوق وحرّية المواطنين، وهو ما ترجم في فتح الجيش اللبناني أغلب الطرقات الرئيسية في البلاد.

لم ينكر أحد أحقية المطالب التي رفعها الحراك في أيامه الأولى، وضرورتها وحاجة لبنان الشديدة إليها للنهوض من عثراته المختلفة، والتخفيف عن كاهل المواطنين معاناتهم اليومية، إلا أنه لا يمكن الوصول لتحقيق هذه الأهداف بالأساليب والطرق التي اتبعها المحتجّون، إذ أضرت بالحراك أكثر مما نفعته، وباتت تهدّد بتضييع فرصة نادرة للخروج من المأزق وقيام دولة حقيقية قد لا تتحقق مستقبلاً.


فيديو:

  1. بالفيديو: عنصر بالجيش يعتدي على امرأة

  2. بالفيديو: شابة تبكي مارسيل غانم واللبنانيين

  3. بالفيديو: إشكال بين بيار رفول ومتظاهرين.. والشرطة الاسترالية تتدخل

  4. بالفيديو والصور: الأمطار تنعش الثوار في طرابلس


لمشاهدة فيديوهات اخرى اضغط هنا.


لمتابعة اهم واحدث الاخبار في لبنان والعالم اضغط هنا.


مواضيع ذات صلة:

  1. ملاحظات على مسيرة الحراك الشّعبي.. قبل فوات الأوان… عبد الكافي الصمد

  2. ثورة ″الواتس أب″: التّياران الأزرق والبرتقالي أكبر الخاسرين… عبد الكافي الصمد

  3. دعم العملة الوطنية بين لبنان والخارج: مقارنة مؤلمة… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal