البلديات واستحقاق منتصف الولاية: مصالح النّاس منسية… عبد الكافي الصمد

ما كاد موعد منتصف ولاية المجالس البلدية يطلّ برأسه في شهر حزيران الجاري، حتى انهمك رؤساء البلدية والنوّاب والزعامات السّياسية والعائلية في لقاءات واتصالات من أجل ترتيب جلسات طرح الثقة برؤساء البلديات وإخراجها بما يناسب مصالحهم، بعيداً عن هموم الناس ومصالحهم وقضاياهم، وما يحتاجونه من خدمات ومشاريع تنموية في مناطقهم.

ومع أن أغلب بلديات لبنان، وتحديداً الشمالية منها، تعاني من أزمة نفايات كارثية منذ مطلع شهر نيسان الفائت، بعد إقفال مكب نفايات بلدة عدوي الذي ترمي بلديات خمسة أقضية شمالية نفاياتها فيه (المنية ـ الضنية، زغرتا، الكورة، بشري والبترون)، فإن أحداً من المسؤولين لم يتحرّك جدّياً لإيجاد حلّ لهذه المعضلة التي تتفاقم يوماً بعد آخر، وتسبّبت في تراكم النفايات في الشوارع والسّاحات، وفي انتشار المكبّات العشوائية، ما ينذر بمضاعفات بيئية وصحية خطيرة بدأت بعض معالمها بالظهور (أمراض، حرق نفايات، إنتشار القوارض والحشرات وغيرها)، وبضرب موسم الإصطياف الذي يُعوّل عليه الكثير هذا العام.

غير أن كلّ هذه القضايا الملحّة والمشاكل التي تتفاقم يومياً، رُميت خلف ظهور أغلب رؤساء البلديات مع اقتراب موعد منتصف ولاياتهم، ومثلهم فعل أيضاً السّياسيون والزعامات العائلية والمناطقية، فلم يُقدّم أي رئيس بلدية إستقالته من منصبه لأنه فشل في معالجة الأزمات التي تعاني منها مدينته أو بلدته وقريته، وهذا أقل ما يجب أن يفعله أي مسؤول لما يفشل في تأدية المهمة المنوطة به، باستثناء قلة فعلت ذلك إلتزاماً بتوافقات سياسية أو عائلية جرى التوصل إليها خلال إنتخابات 2016، وقضت حينها بمداورة منصب الرئيس بين أكثر من شخص.

فطوال الأشهر القليلة الأخيرة، إستنفر أغلب رؤساء البلديات والزعامات السّياسية والعائلية والمناطقية حفاظاً على كراسيهم أو مواقع من يمثلهم أو يدعمونه في بلدية هنا أو هناك، وهو إستنفار لم يدفع هؤلاء إلى القيام به برغم كل المشاكل والتعقيدات التي واجهتهم طوال الفترة السابقة وفشلوا في إيجاد أية حلول لها، لا بل وتردّي الأوضاع أكثر في بلدياتهم، وتراجع الخدمات فيها بشكل أكبر من السابق.

وما زاد الوضع تأزّماً وتعقيداً في بعض هذه البلديات، وأحدث شرخاً كبيراً بين العائلات والعشائر، وتسبّب بتوتر العلاقات بينها، أن بعض هذه التوافقات العائلية التي أرسيت قبل 3 سنوات قد تعثر تطبيقها، لأسباب كثيرة وتغيرات طرأت على المشهد السياسي والبلدي في هذه المدن والبلدات، وتضارب المصالح بين ممثلي العائلات ومتزعميها، كما حصل في بلديتي المنية وبطرماز مؤخراً، وهو أمر مرشّح للتكرار أكثر في الايام المقبلة في بلديات أخرى، وفق مؤشرات، ما يُهدّد بحلّ مجالس بلدية ووضعها في عهدة المحافظين والقائمقامين، وشلّ العمل البلدي والإنمائي فيها، وانقسام العائلات والأحزاب السّياسية على بعضها، والأكثر من ذلك غرق هذه المدن والبلدات والقرى في مشاكلها أكثر فأكثر، وعلى رأسها مشكلة النفايات.


مواضيع ذات صلة:

  1. التوافقات العائلية في الضنّية: سلسة في بلديات ومتعثرة في أخرى… عبد الكافي الصمد

  2. تدشين ″جرد 40″: باكورة المشاريع الإنمائية في جرود الضنّية… عبد الكافي الصمد

  3. النّازحون السّوريون في لبنان بين أرقام التحريض وأرقام الحقيقة… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal