الحريري وجنبلاط: رفاق الأمس خصوم اليوم… عبد الكافي الصمد

كان يوم أمس تاريخياً وماراتونياً، إذ شهد انفجار الخلافات بين تيار المستقبل والحزب التقدمي الإشتراكي، ووصل فيه التراشق الإعلامي والسجال على مواقع التواصل الإجتماعي إلى مستوى غير مسبوق بين حليفي الأمس، وأحدث شرخاً في العلاقات بينهما، سواء على مستوى القيادة أو القاعدة، سيكون من الصعب مستقبلاً إصلاحه.

إنفجار الخلاف بين بيت الوسط وقصر المختارة بهذا الشكل لم يكن الأول من نوعه في الآونة الأخيرة، فقبل فترة قصيرة نشب سجال حاد ومفاجئ بين الطرفين على خلفية عدم إلتزام تيار المستقبل باتفاق بين الجانبين يقضي بدعم التناوب على رئاسة بلدية شحيم بإقليم الخروب في قضاء الشوف بين شخصيتين، كل منهما مدعومة من أحد الطرفين، لمدة ثلاث سنوات.

حينها سعى وسطاء من الطرفين ومن خارجهما إلى احتواء الخلاف بينهم، وهو ما استجاب له التيار والاشتراكي سوياً، وعبّر عنه يومها بوضوح الأمين العام للتيار الأزرق أحمد الحريري عن أن ما يربط بين المستقبل والإشتراكي “أكبر من مجرد الخلاف على بلدية”.

لكن سجال أمس الذي نبش ماضي العلاقة بين الطرفين، خصوصاً من جانبها الأسود، جعل أحمد الحريري نفسه يبدي إعجابه، على مواقع التواصل الإجتماعي، بتغريدة أبرز خصوم التيار الأزرق في الشارع الدرزي واللبناني، رئيس حزب التوحيد العربي الوزير السابق وئام وهاب، وظهر أنه مؤيد لها، عندما غرّد وهاب قائلا: “يا شيخ سعد الوحيد إلي كان يعرف شو بدو وليد بك كان أبوك الله يرحمو. كان عندو الدوا، هلق المشكلة الدوا مقطوع من السوق والكل طفران. بدك تتحمل”، ما رسّخ إنطباعاً أن الخلاف بين التيار والإشتراكي عميق، وليس كما حاول الحريري في السابق تصويره.

سجال الأمس بدأ بتصريح من وزير الصناعة وائل أبو فاعور الذي رأى أن “العلاقة مع تيار المستقبل ليست على ما يرام. لدينا رؤية نقدية ورأي إعتراضي على المسار السياسي الحالي”، ما دفع سعد الحريري للتغريد: “‏مشكلتكم يا إخواننا في الحزب التقدمي الإشتراكي مش عارفين شو بدكم. لما تعرفوا خبروني”، فجاءه الرد سريعاً من مفوض الإعلام في الحزب الإشتراكي راي الريّس: “بدنا رئيس حكومة”، ما جعل كرة نار السجالات تكرّ وتنفلت من عقالها.

النائب هادي أبو الحسن قال “بدّنا نشوف المشهد على طاولة مجلس الوزراء ليبقى الطائف بخير، وما نفرط بالوصية”، تبعه النائب بلال عبد الله الذي قال: “مشكلتنا معك دولة الرئيس للأسف، أننا نعرف ونعلم ماذا تريد. وبماذا تفرط، خاصة بشىء ليس ملكك، وكيف تجاهد كل يوم لإضعاف بيئتك بحجة حماية الوطن، بينما الحقيقة في مكان آخر”، ما دفع النائب محمد الحجار للرد: “الرئيس الحريري ما بفرط بحقوق حدا، ولا بيقلب ألف قلبة وببيع الحلفا عكل كوع ومفرق. مشكلة دولته معكن إنو عزز بيئته ما عدتو قادرين تبيعو عضهرها وتتاجرو وتبتزو باسم العلاقة معه ومعها. وخبر رفيقك رامي الريس إنو عنا رئيس حكومة معبي مركزه، بس ما عاد قادر يعبي جيوب تعودت عالغرف”، قبل أن يدخل الأمين العام للتيار الأزرق أحمد الحريري على الخط ويقول :” بيضة القبان إنفقست”، في إشارة إلى أن الإشتراكي فقد دوره كلاعب أساسي في المعادلة اللبنانية وأنه “بيضة القبان” فيها، وتعليق ساخر للرئيس الحريري قال فيه: “قال شو الإشتراكي عم يحكي بالوفاء. نكته اليوم”.

إنما كالعادة، وبعدما كادت الأمور تخرج عن السيطرة، وبعد تدخل وسطاء على خط تبريد الأزمة بين المستقبل والإشتراكي، وتحديداً من قبل الرئيس نبيه بري، دعا جنبلاط مناصريه ليل أمس إلى “عدم الوقوع في فخ السجالات والردود العلنية مع تيار المستقبل”، ما أسهم في إرساء تهدئة ووقف الحملات الإعلامية  بين الجانبين.

لكن لماذا انفجرت الخلافات بهذا الشكل الحاد بين الطرفين وظهرت على السطح؟ معلومات أولية تشير إلى أن جنبلاط منزعج من الرئيس الحريري بسبب أمرين: الأول دعمه تعزيز حضور ونفوذ التيار الوطني الحر ورئيسه الوزير جبران باسيل في مناطق نفوذ جنبلاط، ما يثير حساسية مفرطة لديه، والثاني تجاوز الحريري جنبلاط بما يتعلق بمسألة المشاريع والتعيينات التي يرتقب التوصل إليها، واقتطاع حصته بما يؤدي إلى تحجيم دوره.


مواضيع ذات صلة:

  1. النّازحون السّوريون في لبنان بين أرقام التحريض وأرقام الحقيقة… عبد الكافي الصمد

  2. الحريري وباسيل يُرمّمان التسوية: إبحثوا عن التعيينات… عبد الكافي الصمد

  3. قراءة في خطاب الحريري: دلالات سياسية مُعبّرة… عبد الكافي الصمد


 

Post Author: SafirAlChamal