حكومة الحريري ومعيار القوّات: نسب التصويت لا عدد النوّاب… عبد الكافي الصمد

طارت موجة التفاؤل الخجولة التي حاول البعض الترويج لها من أنه صار بالإمكان أن تبصر الحكومة النور نهاية شهر تموز الجاري، وأن الرئيس المُكلّف سعد الحريري سيحمل معه إلى قصر بعبدا، بعد عودته من السفر، تصوراً جديداً لمكونات الحكومة السّياسية، ينتظر أن ينال عليه مباركة رئيس الجمهورية ميشال عون، وسائر القوى.

لكن هذا التصور عن شكل الحكومة المقبلة والتفاؤل حياله، كان ينقصه الكثير من المنطق ليترسخ ويصبح ترويجه ممكناً، إذ كانت تنقصه عناصر القوة والموضوعية والواقعية السياسية، بعيداً عن إبداء الآمال والتطلع نحو أحلام سرعان ما تبخرت وتحولت إلى سراب.

ونبعت الشكوك من أن هذه الآمال والأحلام ليست سوى أوهام، من أن الرئيس الحريري موجود خارج لبنان ولن يعود قبل أيام، كما أن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل سيغادر إلى خارج لبنان في زيارة ينتظر أن تستغرق أسبوعاً، ما يعني أن الرجلين لن يعودا إلى لبنان قبل مطلع شهر آب المقبل، وأن لقائهما المنتظر ليس معروفاً بعد، وهو لقاء يُعوّل عليه كثيراً لإخراج الحكومة من عنق الزجاجة، وتسهيل ولادتها.

وبرغم ذلك، فإن التفاؤل بولادة الحكومة بقي سائداً، ولو بوتيرة خجولة، إرتكازاً إلى معطيات بقيت غامضة، تقول إن عقدة التمثيل المسيحي في الحكومة قد حُلت بعد إبداء القوات اللبنانية مرونة في هذا السياق، وأن الطريق نحو ولادة الحكومة الحريرية قد أصبحت سالكة.

لكن هذا التفاؤل سرعان ما تبخّر نهائياً، وعادت الأمور إلى نقطة الصفر، بعدما أعلن وزير الإعلام ملحم رياشي أمس، في مهرجان في جبيل بمناسبة الذكرى الـ13 لخروج رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع من السجن، من أن حصّة حزبه في الحكومة الثلاثينية ينبغي أن تكون 5 وزراء، مؤكداً أنه أقل من 5 وزراء لن نأخذ، ولن نقبل أقل من حقنا بتمثيل الحجم والوزن السياسي والمطلب الشعبي.

واستند رياشي إلى حق حزبه بخمس حقائب وزارية إلى معادلة جديدة في تشكيل الحكومة هي حصول نواب ومرشحي الحزب، وتكتل الجمهورية القوية، على 31 في المئة من أصوات الناخبين المسيحيين، وهذه النسبة تعني الثلث، وثلث الـ15 وزيراً هو 5، على حدّ قوله.

هذه المعادلة الجديدة التي طرحتها القوات اللبنانبة، التي تأتي في إطار الكباش بينها وبين التيار البرتقالي، لو اعتمدت لفتحت المجال واسعاً أمام قوى سياسية للتمثل في الحكومة برغم محاولات البعض إبعادها عنها، ومن أبرزها كتلة الرئيس نجيب ميقاتي، التكتل الوطني، اللقاء التشاوري السنّي، الحزب السوري القومي الإجتماعي، وهي معادلة في حال طبقت ستكون على حساب قوى رئيسية بارزة، أبرزها تيار المستقبل والتيار الوطني الحر.

على هذا الأساس فإن معادلة القوات للتمثل في الحكومة لم تطح بكل أجواء التفاؤل التي سادت في الأيام الأخيرة فقط، بل حاولت إرساء معادلة جديدة تقول إن التمثيل في داخل الحكومة ينبغي أن يستند إلى حجم الأصوات التي نالتها كل كتلة نيابية، وليس إلى عدد النواب وفق المعيار السابق، الذي كان يقول إن كل كتلة نيابية مكونة من 4 نواب يحق لها أن تتمثل بوزير واحد.

شدّ الحبال هذا حول قاعدة ومعيار التمثيل في الحكومة، والصراع على الأحجام وعلى الحقائب والحصص فيها، جعل مصير الحكومة وموعد ولادتها في علم الغيب، لأنه في ظل الإرباك السائد حول المعايير التي يفترض إعتمادها لتأليف الحكومة، فإن أي مسعى سيبقى مصيره الفشل، كون كل فريق سياسي فاعل يريد تفصيل الحكومة على قياسه، متجاهلاً مقاييس الآخرين، ما يبقي العقد تراوح مكانها إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً. 

مواضيع ذات صلة:

  1. خلاف التيّار ـ القوّات يجعل مصير حكومة الحريري مجهولاً… عبد الكافي الصمد

  2. إعتبارات تمنع الحريري من إقصاء سنّة المعارضة عن حكومته… عبد الكافي الصمد

  3. هل فُتح الباب أمام ″إسقاط″ تكليف الحريري تأليف الحكومة؟… عبد الكافي الصمد

Post Author: SafirAlChamal