ضغط سنّي بانتظار الحريري: إنتهاء زمن الآحادية … عبد الكافي الصمد

لم يكن الرئيس سعد الحريري مجانباً للصواب عندما وصف إجتماع المكتب السياسي لتيار المستقبل، الذي عقد يوم الجمعة الماضي، بأنه ″إستثنائي في كل المعايير″، كونه جاء في أعقاب الإنتخابات النيابية التي جرت في 6 أيار الجاري، وبعد إجراءات فصل مسؤولين في التيار الأزرق بالتزامن مع إستقالة مدير مكتب الحريري، إبن عمته، نادر الحريري, وهي إجراءات واستقالة ما تزال تداعياتها تتفاعل حتى الآن.

ليس غافلاً أن نتائج الإنتخابات لم تأت على النحو الذي كان الحريري يأمله، إذ أنها لم تنقص فقط من حجم نوابه الزرق الذين تراجع عددهم من 33 نائباً إلى 19 نائباً بل إنها جعلت الكتلة النيابية الزرقاء في المرتبة الثانية عدداً بعد كتلة التيار الوطني الحر، كما أنها أسفرت عن نجاح خصوم الحريري في الطائفية السّنية الذين كسروا آحاديته السياسية والنيابية التي استمرت 13 عاماً، بعدما استطاع نحو ثلث المرشحين السنّة أن يفكّوا بنجاح حصار الحريري عليهم، ودخولهم المجلس الينابي من الباب العريض.

هذا التحوّل جعل الحريري يعترف، على مضض، أمام أعضاء مكتبه السياسي أن الإنتخابات أخذت من حصتنا، معتبراً أنه حتى لو حصلت على كتلة نيابية أكبر، ما كان هذا الأمر ليجعلني راضياً عن عمل المنسقيات والماكينة، وخصوصاً في بيروت، برغم أنه ردّ أسباب الخسارة التي نزلت به إلى الأخطاء في التنظيم والخلل في عمل المنسقيات والماكينة الإنتخابية، وليس القانون الإنتخابي الذي شاركنا في صياغته، وكنّا نعرف سلفاً أن حصتنا النيابية (بسبب القانون) سوف تنقص.

ومع أن الحريري حاول التقليل من وقع الخسارة وتراجع عدد نوابه، لأنه لا نريد أن نجلد أنفسنا، ولا نريد أن نعطي أي جهة فرصة للمشاركة في جلد تيار المستقبل، فإنه برّر قرارات الإقصاء والإبعاد التي اتخذها بحق بعض منسقيه إلى شجاعة في اتخاذ قرارات داخلية لا يملكها كثيرون أمثاله في الأحزاب والتيارات السياسية اللبنانية، وإلى أن الناس التي جاءت من كل لبنان إلى بيت الوسط، يجب أن تعرف أن تيار المستقبل لا يمكن أن يغطي أي تقصير أو خلل أو فساد تنظيمي.

إلا أن مرارة الخسارة التي نزلت بالحريري في إنتخابات 6 أيار، والتي حاول كتمها وعدم الإفصاح عنها، تتمثل في أن شخصيات وقوى سنّية وازنة قد عادت إلى المجلس النيابي، وهي شاء أم أبى ستشاركه وتفرض عليه رأيها بما يخصّ القرارات المتعلقة بالطائفة السنّية، ومنعه من التفرد بها كما كان في السابق، كما أنها باتت تشكل تهديداً جدّياً له بما يخصّ رئاسة الحكومة، وأن زمن حصرية التمثيل السياسي السنّي قد ولى إلى غير رجعة.

وإذا كان الحريري إعترف بعدم رضاه عما آلت إليه نتائج الإنتخابات في بيروت،  وتحديداً في دائرتها الثانية، التي حصد فيها على 6 مقاعد من أصل 11، وخسارته فيها مقعدين سنّيين، ومثلهما شيعيين وآخر للأقليات، فإنه كتم عدم رضاه عن نتائج لا تقل مرارة وخيبة في بقية الدوائر ذات الأغلبية السنّية.

فحيثما تلفت الحريري سيجد خصوماً سنّة لن يرتاحوا ولن يتركوه يرتاح إذا أراد أن يستمر بسياسية التفرّد بشؤؤون الطائفة والبلد، من أسامة سعد في صيدا، وعبد الرحيم مراد في البقاع الغربي، وفؤاد مخزومي وعدنان طرابلسي في بيروت، وصولاً إلى دائرة الشمال الثانية ذات الثقل السنّي الأكبر في لبنان، حيث يوجد نجيب ميقاتي الذي دعم حضوره بكتلة من 4 نواب، فضلاً عن فيصل كرامي في طرابلس إلى جانب جهاد الصمد في الضنية، من غير إسقاط نائبين سنّيين آخرين، الأول قاسم هاشم في دائرة حاصبيا ـ مرجعيون، والثاني الوليد سكرية في دائرة بعلبك ـ الهرمل.

مواضيع ذات صلة:

  1. المستقبل يتصدّع: مجزرة إقالات وإعفاءات بعد الفشل الإنتخابي… عبد الكافي الصمد

  2. الصّمد يستعيد ″هوية″ الضنية.. واستياء من جهاد يوسف… عبد الكافي الصمد

Post Author: SafirAlChamal