الصّمد يستعيد ″هوية″ الضنية.. واستياء من جهاد يوسف… عبد الكافي الصمد

لم تكشف الإنتخابات النيابية في الضنية عن واقع سياسي جديد فيها، بل أعادت نتائجها الأمور إلى نصابها الصحيح، وأعطت كل فريق سياسي ومرشح حجمه الطبيعي، نتيجة قانون الإنتخابات النيابية الجديد القائم على مبدأ النسبية والصوت التفضيلي، ونتيجة تحالفات لم تكن منسجمة مع تطلعات المواطنين في المنطقة، ووسط أجواء كانت توحي أن استمرار فريق سياسي واحد في الهيمنة على تمثيل الضنية نيابياً لم يعد مقبولاً.

قبل أيام من فتح صناديق الإقتراع، تسارعت التطورات في المنطقة على نحو لافت، من زيارات غير مسبوقة قام بها مسؤولون كبار إليها، كان من أبرزهم الرئيسين سعد الحريري ونجيب ميقاتي والوزيرين السابقين فيصل كرامي وأشرف ريفي، من أجل دعم مرشحيهم أو حلفائهم في الإنتخابات.

لكن النتائج التي خرجت بها صناديق الإقتراع في الضنية سلطت الأضواء على نقاط عدة لافتة، من أبرزها:

أولاً: شكل فوز النائب السابق جهاد الصمد أكثر من مجرد ردّ اعتبار له، بعد غيابه عن المجلس النيابي منذ عام 2005، إذ أعاد نجاحه الإعتبار للضنية ككل، خصوصاً بعدما رفع في حملته الإنتخابية شعار “ليكون للضنية هوية”، مرتكزاً فيه إلى ضرورة التشدد في أن يختار الضناويون نوابهم وليس أن يُسمّي أحداً عنهم ممثليهم في المجلس النيابي، وجاءت النتائج لتصب في هذا الإطار، بعدما احتل الصمد المرتبة الأولى متقدماً على بقية المرشحين، وجامعاً أصوات تكاد توازي أصوات منافسيه الرئيسين، مرشحا تيار المستقبل، النائب قاسم عبد العزيز والمرشح المنتخب سامي فتفت، نجل النائب أحمد فتفت.

واعتبر نجاح الصمد الساحق دليلاً على تجذّره سياسياً وشعبياً في المنطقة، وأنه بات رقماً صعباً فيها، ليس من السهولة تجاوزه، خصوصاً بعدما أظهرت النتائج الأولية أنه جمع في الضنية أصواتاً تفضيلية تقارب ما حازه زملائه في لائحة الكرامة الوطنية.

ثانياً: تسبب إنسحاب المرشح على لائحة العزم جهاد يوسف بإحداث بلبلة وإرباك كبيرين في صفوف مناصريه ومؤيدي التيار في المنطقة، لأنه جاء قبل ساعات من موعد فتح صناديق الإقتراع، ما جعل الماكينة الإنتخابية لتيار العزم تصاب بالشلل، بعدما غاب المندوبون عن أقلام الإقتراع، والضياع الذي أصيب به مناصرو يوسف وتيار العزم في المنطقة، ما تسبّب بضياع الأصوات وتبعثرها بين بقية المرشحين، وتحديداً فتفت الذي نال حصة وازنة منهم سمحت له بالتقدم على حليفه عبد العزيز وتحقيق الفوز.

لكن إنسحاب يوسف لم يمر مرور الكرام، خصوصاً وسط مناصري تيار العزم الذين إتهموه بـ”الخيانة” و”الغدر”، فهو خسر مصداقيته وثقة منطقة جرد الضنية بأكملها لا بلدته قرصيتا فقط، التي كانت تعوّل عليه بالفوز، وهو كان يملك حظوظاً كبيرة لتحقيق ذلك، وسط تساؤلات عن الأسباب الحقيقية التي دفعته للإنسحاب وزيارته الرئيس سعد الحريري ليقدم إنسحابه من عنده، وهل تعرّض لضغوطات وإغراءات، بعدما أوضح في بيان له أسباباً للإنسحاب كانت مثار جدل.

ثالثاً: أظهرت النتائج الأولية أن التنسيق بين مرشحي المستقبل، فتفت وعبد العزيز، كان غائباً كلياً، وأن كلاً منهما كان يغني على ليلاه ويشرف على ماكينة إنتخابية خاصة به، بلا أي تنسيق أو تعاون مع ماكينة حليفه أو ماكينة التيار الأزرق المركزية، وهو ما تبين في النتائج النهائية، حيث كان الفارق كبيراً بينهما، بعد المذكرة التي أصدرها تيار المستقبل وترك من خلالها الحرية لمناصريه باختيار من يرونه مناسباً، مفضلاً عدم تزكية أحدهما على الآخر بما يخصّ الصوت التفضيلي.

رابعاً: عكست النتائج الحجم الهزيل جداً لمرشحي اللوائح الأخرى وتحديداً مرشحي المجتمع المدني، وأظهرت أن الأرضية الشعبية في الضنية غير جاهزة بعد لاستقبال هذه الفئة من المرشحين والإقتناع بانتخابهم.

Post Author: SafirAlChamal