ميقاتي في أربعين الرافعي: إحترام الاستحقاقات واجب دستوري

أكد الرئيس نجيب ميقاتي ″ ان قوة لبنان باحترام دستوره، واحترام الاستحقاقات الديموقراطية فيه وإحترام المرجعيات لبعضها البعض ولصلاحياتها. وما نشهدُه الآن من ضرب للاستحقاقات الدستورية، يُؤشّر الى احتمال ضربها في اية لحظة لمصلحة من هم في السلطة الآن، وهذا أمر يُعزز فقدان ثقة الناس بالطبقة  السياسية عندما يراها تضرب عرض الحائط بالاستحقاقات الدستورية تارة، والمُؤسسات الدستورية طورا″. 

وشدد على”ان إحترام الاستحقاقات واجب دستوري، والفصل بين السلطات وإحترام صلاحيات كل سلطة وكل مقام، يعطي الامان لجميع اللبنانيين ، فينتفي الشعور بالغُبن أو بالتعدّي على فئة من اللبنانيين”.

موقف الرئيس ميقاتي جاء في كلمة ألقاها عصر اليوم في احتفال في قصر الاونيسكو بمناسبة مرور اربعين يوما على وفاة النائب السابق عبد المجيد الرافعي.

وقال الرئيس ميقاتي: “بعيدا عن المشاجرات والمناكفات يعيش لبنان سلسلة أزمات بنيوية تطال كل الناس فيه. فالأزمة الاقتصادية والاجتماعية خانقة ،وقضايا الهدر والفساد والماء والكهرباء وزحمة السير تستهلك ربع الدخل القومي دون آفاق لحلول.لقد آن الاوان أن نضع بهدوء ومن دون مناكفات خُططا، هي بمتناول اليد، شرط توافر النوايا الحسنة والاجماع الوطني على ضرب رؤوس الفساد في البلد ورؤوس الهدر ووضع خطط  قابلة للتنفيذ لرفع الضغوط عن كاهل المواطن”.

أضاف: “طرابلس الفيحاء التي أنجبت الدكتور عبد المجيد الرافعي بأخلاقه ومناقبيته وعروبته تضم خيرة الرجال والقيادات فشعبها طيب بالفطرة ،عروبي بالانتماء، ووطني بالتمسك بثوابته الوطنية وبانتمائه لدولة ترعى الجميع على رغم الاجحاف الذي لحق بالمدينة وأهلها. طرابلس لا يمكن أن تكون مسؤولية فرد أو جماعة بل هي جزء لا يتجزأ من لبنان ، وعلى كل لبنان بقياداته وحكومته أن يكرس دورا لهذه المدينة العظيمة لتكون لؤلؤة على شاطئ المتوسط. وانا اليوم استذكر كل الشعارات التي رفعها الدكتور عبد المجيد في الستينات والسبعينات والتي كانت يطالب فيها الدولة اللبنانية بالقيام بواجبها لتعزيز دور طرابلس الاقتصادي والقيام بواجباتها الانمائية . “

وقال” لقد ادركنا مع الدكتور عبد المجيد أن الأفراد لا يمكن أن يحلوا محل الدولة لذا ومن على هذا المنبر وباسم تاريخ الرجل وحاضرنا نطالب الحكومة بتنفيذ مشاريع وصرف أموال رصدت لطرابلس، ومطالبتنا وطنية وليست فئوية ، فلبنان لا يتعافى، اذا مرض طرف من أطرافه فكيف اذا مرضت واحدة من اهم مدنه وارقاها وأعرقها”.

وتابع: ” إننا نفتقد الدكتور عبد المجيد ونحتاج الى أمثاله من المُتنوّرين والمثقفين والقادة لتصويب النقاش والعودة الى اساسات الصراعات في المنطقة. عين القوى الكبرى على ثروات منطقتنا،ونسب البطالة والفقر والأمّية الى إزدياد بحسب كل تقارير الإسكوا والمنظمات المعنية، والثروات الطبيعية لن تدوم الى الأبد، فما نحن بفاعلين؟هل علينا ان ندور في حروب داحس والغبراء حتى نفنى؟ ألم يحن الوقت لوضع نقطة على آخر السطر والإنتقال للتفتيش عن الأمور المشتركة في ما بيننا بدل الغوص في صراعات عقيمة؟ “

وقال:  ” لقد ادرك الدكتورعبد المجيد الرافعي تلك الوقائع، وتشبث بالمبادئ الأساسية، وترفع عن الأحقاد والمناكفات، فكان مثالًا لنموذج الرُقي السياسي، وللرجل الوطني والقومي، الذي لا تُنسيه التفاصيل الأسس، فدعا على الدوام لوقف الصراعات الجانبية والهامشية على المستوى القومي. أما على المستوى الوطني فالتفتيش عن حلول لقضايا الناس كان هاجسه وهذا هو هاجسنا اليومي ومحور عملنا”. 

اضاف: ” بما اننا نُحيي ذكرى المُناضل الدكتور عبد المجيد الرافعي، يجب ان نعترف أن من أبرز نقاط التحول في المنطقة كان سقوط بغداد، الذي اُعدّ له بدهاء شديد. ونحن الآن نعيشُ تداعيات هذا السقوط   من المحيط الى الخليج. لقد تحوّلنا بشكل أو بآخر الى شيع واحزاب وقبائل متناحرة، وهو مشروع معروف منذ سبعينيات القرن الماضي، لكنه أخذ عقودًا للتنفيذ. ليس في هذا المشروع رابحٌ عربي ابدا ، بل مجموعة خاسرين أنهكتهم الصراعات والإستنزافات البشرية والمجتمعية والمادية والاقتصادية”.

وقال: “لم أكن يومًا من المتشائمين او من الذين يروّجون للتشاؤم لكن أصل العلاج تشخيص العلّة، والعلّة تكمن هنا في انجرارنا الى هذه الصراعات التي أبعدتنا عن قضايانا الكبرى والتي سمحت للاحتلال الاسرائيلي خاصة  وبكل أشكاله أن يتعدى على المقدسات الاسلامية والمسيحية ويختال في ساحات القدس والاقصى الشريف، وكم كبرت قلوبنا بسماع حناجر المقدسيين،وهم يحمون الأقصى من التدنيس بلحمهم الحي وصدورهم العارية والعامرة بالإيمان والمبادئ.هناك يلوح  الضوء  وبصيص الامل، فالقدس تجمع جميع الناس وكل الأديان والمذاهب على قضية حق أرادوا تحويلها الى باطل وأرادوا أن يستغلوا وهن الأمة للاعتداء على احد أهم مقدساتهم أولى القبلتين وثالث الحرمين”.

اضاف: “نلتقي الْيَوْمَ لإحياء ذكرى رجل عايش الحُلم العربي وتبناه، رجلٌ عاصر الكبار من اساتذة ومفكري العرب،رجل  ناضل قولاً وفعلاً منذ تخرجه طبيبًا وحتى آخر لحظة في حياته،رجل سلك اكثر الطرق وعورة، واضعا نفسه بتصرف الناس ليلًا ونهارًا طبيبا، إنسانا،  مُلتزما بمبادئه دفع كل الأثمان المُمكنة فتعرض لمحاولات الاغتيال، وعاش الهجرة القسرية، وواجه النكبات والنكسات والإنكسارات، فزادته التصاقًا وثباتاً وقناعة بما آمن به”.

وختم بالقول: “دكتورعبد المجيد الطيب الرافعي، رحلتَ وتركتَ إرثًا ستتناقله الأجيال المقبلة من أبناء مدينتك طرابلس، الى كل لبنان، فكل العرب، ليتعلموا كيف يكون التمسُّك بالمبادئ كالقبض على الجمر.أيها الطيّب المُترفع الرافعي. يا عاشق العروبة. يا ضمير طرابلس ورمز نضالها.كنت وستبقى نموذجا لاصحاب المبادئ ومُحبي أهلهم وبلدهم وأمتهم، وسنُعلّم أولادنا كيف يكون العطاء والتضحيات. رسالتك أمانة في أعناقنا، وأعناق اهلك ومحبيك، وخاصة زوجتك الفاضلة الاخت ليلى. وأننا للرسالة لحافظون”.

تجدر الاشارة الى أن الاحتفال بمناسبة مرور اربعين يوما على وفاة الدكتور عبد المجيد الرافعي اقامته في قصر الاونيسكو القيادة القومية لحزب البعث العربي الاشتراكي والقيادة القطرية لحزب طليعة لبنان العربي الاشتراكي وعائلة الفقيد في حضور شخصيات عربية ولبنانية .

Post Author: SafirAlChamal