″كنت أتمنى وحتى آخر لحظة، قبل إصدار القرار الذي ″فلت الملق″ للشاحنات والكسارات في منطقة بيت جعفر، وقفة ضمير من نائبنا (هادي حبيش) الذي تندرج مهرجانات القبيات التي تتضمن أياما بيئية تحت مظلته. إنما وللأسف للبحص ولكميونات التلوث وقع أهم من أصواتنا اليتيمة، مبروك لكم شاحناتكم وكساراتكم، لذا، وانسجاماً مع موقفي الداعم لطبيعة بلادنا المهددة، أخذت قراري بالانسحاب من تنظيم الأيام البيئية في مهرجانات القبيات″.
بهذه العبارة فجر رئيس ″مجلس البيئة″ في عكار الدكتور أنطوان ضاهر موقفه من الفوضى العارمة التي تجتاح المنطقة الحدودية الفاصلة بين محافظتي عكار والهرمل، معلنا تمرده على مواقف نواب عكار الرمادية، مؤكدا “أن ما يجري على مرأى ومسمع من نوابنا الذين لم يحركوا أي شيء ضد هذه الآفة″. لا بل ذهب الى أبعد من ذلك متهما إياهم بالمشاركة بما يجري، فقال: “نائبنا الشيخ هادي حبيش هو المدافع الأول عن ″حقوق″ أصحاب الشاحنات في المشاركة بهذه الجريمة النكراء″. مؤكدا، أنه لم يعد بالامكان السكوت عما يجري، ولم تعد تنفع الازدواجية في المواقف. متسائلا، “كيف لنا أن نقبل بالاعلان عن فوز القبيات بلقب البلدة الأجمل في سباق جريدة لوريان لوجور 2019، وهي البلدة التي تخترقها 700 شاحنة في اليوم″؟.
الضاهر كان أعرب عن فرحته ″لخطوة وزارتي البيئة والداخلية لجهة وقف الكسارات الخارجة عن القانون كما هي حال الكسارات في المنطقة الجبلية، حيث تشكل غابات الأرز والشوح واللزاب التي احتلتها الكسارات، أحراجاً شاسعة هي كلها ملك للجمهورية اللبنانية، مؤكدا أن غالبية هذه الكسارات لا تعود ملكياتها لأهالي بيت جعفر وانما لأصحاب رؤوس أموال موزعين على مناطق وطوائف لبنان.
فرحة الضاهر لم تدم طويلا إذ سارع أصحاب الكسارات الى مراكمة المخالفات ومحاولة كسب الوقت، قبل أن تدق الساعة الصفر باتخاذ مجلس الوزراء قراراً بتطبيق المخطط التوجيهي للمقالع والكسارات. فعمدوا وبالرغم من قرار وزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن منع نحو 700 شاحنة يوميا من عبور طريق عام الهرمل – القبيات ومنها الى الدريب والطريق الدولية، الى إستكمال الأعمال ومراكمة ″الستوك″، كما شرعوا المنطقة لمختلف المخالفات وتحديدا لجهة نقل شاحنات من النفايات ليلا الى مواقع الكسارات بعد اندلاع أزمة نفايات في الشمال منذ ثلاثة اشهر، إضافة الى كميات ضخمة من الدواليب المطاطية المستعملة، حيث يجري إحراقها لاستخراج ما فيها من معادن. ثم عمدوا الى الضغط على الوزارات المعنية عبر تنفيذ إعتصامات متتالية على الطريق الدولية في العبدة، أفضت الى السماح لهم بنقل الستوك والعمل.
ويمكن القول أن موقف الضاهر، الانسحاب من الأيام البيئية في ″مهرجانات القبيات″ التي تنطلق في التاسع من شهر آب، لم يأت مفاجئا بالنسبة لمن عرفه مناصرا للقضايا البيئية، ومقاتلا شرسا في الدفاع عن طبيعة عكار وثروتها الحرجية ومقوماتها الجمالية الفريدة من نوعها في منطقة المتوسط.
16 كسارة ″ابتلعت″ جبالا وطمرت أودية بالبحص خصوصا في منطقة بيت جعفر، وأطاحت بغابات أرز السويسة ووادي الفارغ والحريق والعريشة المعروفة بأشجار اللزاب النادر، ناهيك عن كسارات عملاقة في منطقة كرم شباط (موقعي معبور الأبيض والحريق) تشكل تهديداً مباشراً لمحمية كرم شباط المحاذية.
على مدار سنوات إستنزفت الكسارات مقومات المنطقة، وأدت الى اقتلاع الثروة الحرجية، وغور الينابيع بسبب استخدام المتفجرات، وإنتشار الأوبئة جراء تلوث الهواء والماء.
ذلك الواقع دفع بالدكتور الضاهر مرارا الى رفع الصوت عاليا، فاستنكر ″سرقة تراب لبنان الناتج من الكسارات الواقعة في المنطقة الحدودية والتي أنشئت في أراضي الجمهورية اللبنانية ونقله وبيعه، مؤكدا أن هذا الأمر يوازي جرائم نقل المخدرات والتعاطي بها والترويج لها″، داعيا المدعي العام المالي الى ″التحرك للدفاع عن أملاك الجمهورية اللبنانية التي هي بعهدته، وأن يعمل على وقف المساس بهذا الملك العام الثمين، ويحيل على التحقيق كل الذين عاثوا بهذه الثروة″.
قبل شهر، اتهم الضاهر أصحاب الشاحنات بأنهم شركاء لأصحاب الكسارات، ″يشتركون معهم عن سابق تصور وتصميم في جريمة قضم غابات عكار والهرمل النادرة وتهجير السكان الآمنين”. آملا “من الحكومة اللبنانية أن لا تدخل هذه المرة في متاهات المهل والستوكات، إذ أنه من البديهي أن الستوك المستخرج من كسارة لا شرعية يكون لا شرعيا، وبالتالي لا يجب السماح بنقل البحص والرمل المسروق من مالية الجمهورية”.
مع الاشارة الى أن أي من المقالع والكسارات في منطقة بيت جعفر مرخصة، فجميعها مخالفة للقانون، وبالتالي من المستحيل أن يتمكن أصحابها من تسوية أمورهم بشكل قانوني، إذ يستحيل تأمين أي مستند يثبت ملكيتهم للعقارات لكونها جميعا في الملك الجمهوري. وبالتالي فان قرار السماح للشاحنات بالعبور، معناه تشريع المخالفات والفوضى مجددا في تلك المنطقة.
في هذا السياق يؤكد النائب أسعد درغام “أن قرار وزير البيئة واضح لجهة إقفال بالشمع الأحمر كل المقالع والكسارات المخالفة للقانون وغير المرخصة، وقد بات واضحا أن الكسارات التي تنهش الجبال والغابات على الحدود في منطقة بيت جعفر مخالفة للقانون، وبالتالي فاننا ضد تشريع الفوضى مجددا، وعلى الجميع إنتظار المخطط التوجيهي الذي تعمل عليه وزارة البيئة بكل جدية بهدف تنظيم هذا القطاع، داعيا القوى الأمنية الى مراقبة عمل الشاحنات ومدى قانونيتها”.
النائب حبيش رد في بيان له على الاتهامات الموجهة له، مؤكدا “أنه ضد فتح اي كسارة في منطقة آل جعفر او في اي منطقة من لبنان بشكل غير قانوني، وأنه يعترض ولا يزال على توقيف اي شاحنة تحمل أوراقاً قانونية في اي منطقة في لبنان، خصوصاً عندما كان القرار توقيف هذه الشاحنات في ساحة بلدته القبيات. مستغربا زج اسمه في قرار اعطاء مهل لأصحاب كسارات منطقة آل جعفر، في حين ان القرار صادر عن وزير البيئة الذي سمع في اتصال من النائب حبيش موقفه الرافض لفتح هذه الكسارات، خصوصاً ان هذا القرار حصري لمنطقة واحدة في لبنان وسيؤدي الى تجمع ومرور ارتال الشاحنات من الهرمل الى عكار عبر القبيات”.
آمال الضاهر تلاشت مع سماح وزارة الداخلية بعودة العمل للشاحنات على خط القبيات ـ بيت جعفر. مارس الضاهر قناعته ورفض أن يكون شاهد زور في تنظيم أياما بيئية ضمن مهرجان القبيات، في ظل الفوضى البيئية العارمة التي تشهدها المنطقة. فهل يستمر الوزراء المعنيون في تجاهل الانتهاكات المتكررة، لأجمل وأهم الغابات في لبنان؟.
مواضيع ذات صلة:
-
الجامعة اللبنانية الدولية تجمع العكاريين في حفل تخرج طلابها.. نجلة حمود
-
محافظ عكار مدعو لممارسة صلاحياته.. ووزارة البيئة تنذر بعض البلديات… نجلة حمود
-
الطفل هاني منصور.. ضحية جديدة لبحر يبتلع فقراء عكار… نجلة حمود