منذ أن أعلن الكابينت الاسرائيلي المصادقة على وقف إطلاق النار على لبنان، جنّ جنون العدو فأطلق العنان لمقاتلاته الحربية المعادية لمزيد من التدمير والقتل من الجنوب مرورا ببيروت الإدارية وضاحيتها وصولا إلى عكار شمالا التي عزلها بشكل كامل عن سوريا بقصفه معبريّ الدبوسية والعريضة ومعبر جسر القمار في وادي خالد من الجهتين الشرقية والغربية.
هو الإجرام الاسرائيلي الذي تمثل بغارات إنتقامية ضد المدنيين اللبنانيين كبدل عن الأهداف الضائعة التي فشل في تحقيقها على مدار شهرين بالحديد والنار، لا بإعادة المستوطنين الصهاينة إلى شمال فلسطين المحتلة بالقوة كما سبق وأعلن، ولا بإحتلال الشريط الحدودي والدخول إلى بلدة الخيام التي تكسرت معنوياته ودمرت دباباته وقتل جنوده على أسوارها، ولا بإنهاء قدرات المقاومة ودفعها قسرا للعودة إلى شمال الليطاني.
وقف إطلاق النار جاء بفعل الاتفاق الذي من المفترض أن تصادق عليه الحكومة اللبنانية اليوم، وهو يتضمن القرار الأممي ١٧٠١ الذي تم تنفيذه إثر عدوان تموز ٢٠٠٦ وعمل العدو على خرقه أكثر من ٣٥ ألف مرة على مدار ١٨ سنة، في حين لم تسجل خروقات تذكر من الجانب اللبناني، وذلك بحسب إحصاءات قوات اليونيفل.
إذا، تراجع العدو الاسرائيلي عن الشروط التي كان وضعها عند بداية حربه الموسعة على لبنان، ومنها القضاء على المقاومة وتأليب بيئتها عليها، وتغيير وجه الشرق الأوسط إنطلاقا من لبنان، وإيجاد نظام سياسي جديد فيه لا يكون لحزب الله أي حضور فيه.
وقد إعترف رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بهذا الأمر في خطابه بعد المصادقة على وقف إطلاق النار، حيث إكتفى بالقول: “أننا أعدنا حزب الله عشر سنوات إلى الوراء”، متناسيا التهديدات التي اطلقها وفشل في تنفيذها.
ولعل أبرز ما قاله نتنياهو في هذا السياق انه “سيكون لإسرائيل حرية الحركة في الهجوم على لبنان في حال إستشعرت الخطر من أي مكان فيه”، وهذا البند غير موجود في الاتفاق الذي يتضمن حق لبنان وإسرائيل في الدفاع عن نفسيهما عند أي تهديد أو خرق.
في حين قال مصدر مسؤول في البيت الأبيض أن “ما قاله نتنياهو عن حرية العمل غير دقيق”، ما يؤكد أن ما أدلى به يهدف إلى حفظ ماء الوجه أمام المجتمع الاسرائيلي الذي صدرت من مسؤولين فيه تصريحات عدة تؤكد أن إسرائيل لم تنتصر في هذه الحرب وأن هذا الاتفاق سيلحق العار بإسرائيل وهو خطأ كبير، إضافة إلى الانتقادات اللاذعة التي وجهتها المعارضة للاتفاق، فضلا عن المستوطنين الذين يرفضون العودة إلى شمال فلسطين لأن هذا الاتفاق برأيهم لا يوفر لهم الأمن.
لذلك، فقد حاول العدو التعويض عن كل هذا الفشل باستهداف العاصمة ومناطق لبنانية عدة بهذه الغارات التي لم تحقق أية أهداف جديدة.
ولا شك في أن المقاومة التي صمدت بشكل أسطوري بعد كل الضربات الاسرائيلية التي وجّهت اليها من ١٧ أيلول إلى ٢٧ منه تاريخ إغتيال سيد شهداء المقاومة على طريق القدس السيد حسن نصرالله، قد دفعت أثمانا باهظة جدا على كل المستويات، لكنها في النهاية إستمرت ومنعت العدو من تحقيق أهدافه، مترجمة بذلك فكرة أن “المقاومة عندما تنجح في منع العدو من تحقيق أهدافه ويفشل العدو في الوقت نفسه بسحقها تكون قد إنتصرت مهما كانت الأثمان والتضحيات التي قدمتها”.
وما يؤكد ذلك أيضا، هو أن العدو الاسرائيلي بات مجبرا على تطبيق القرار ١٧٠١ بكل مندرجاته شأنه شأن لبنان، ما يعني وقف خروقاته برا وبحرا وجوا التي نفذها على مدار ١٨ عاما، والانسحاب من كل الأراضي اللبنانية المحتلة، ويعني ذلك إستكمال تحرير لبنان من رجس الاحتلال وفي ذلك إنجاز يسجل للمقاومة.
إعتبارا من اليوم يدخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، وسيكون لبنان ملتزما بمندرجات القرار ١٧٠١ وبموافقة حزب الله، حيث من المفترض أن يشدّ النازحون الرحال للعودة إلى أراضيهم تمهيدا لإعادة الإعمار التي ستكون الأولوية بالنسبة للبنان دولة ومقاومة..
Related Posts