فرنسا تتحرّك في لبنان.. المصالح وأمن إسرائيل أولاً!.. عبدالكافي الصمد

مؤشّرات وتصريحات ومواقف عدّة صدرت عن مسؤولين فرنسيين كبار في الأيّام الأخيرة أكّدت بما لا يقبل الشّكّ أنّ تحرّكهم في لبنان والمنطقة ضرب عرض الحائط كلّ إدعاءات الحياد التي تزعمها السّلطة الفرنسية، وكلّ مزاعم وقوفها إلى جانب لبنان في مواجهة العدوان الإسرائيلي عليه، ما أصاب بالخيبة فئات من اللبنانيين لطالما نظرت إلى فرنسا على أنّها “الأم الحنون” لهم ولبلدهم.

فمن خلال النظرة إلى مواقف فرنسا تجاه لبنان يتضح أنّ سياسة السّلطة الفرنسية قد انطلق من أمرين: مصلحتها أولاً؛ وثانياً الحرص على أمن إسرائيل وتفوّقها العسكري، أمّا ما سوى ذلك فمجرد شعارات وكلام فارغ يحتوي على الكثير من التضليل السياسي والإعلامي، لا تصرف أو تترجم على أرض الواقع.

بما يعني الجانب الأوّل، كان لافتاً الكلام الذي أطلقه، الأسبوع الماضي، وزير الخارجية الفرنسي جان – نويل بارو عندما حذّر من أنّه “إذا لم نفعل شيئاً، فإنّ لبنان قد يصبح غداً شبيهاً بسوريا، مركزاً لعدم الإستقرار بسبب التهريب والإرهاب، ونقطة إنطلاق لأعداد كبيرة من المدنيين المهاجرين الباحثين عن ملجأ في أوروبا”.

كلام بارو يدلّ على أنّ بلاده، فرنسا، إنطلاقاً من مصلحتها قبل أيّ شيء آخر، تخشى أن يكون عدم إستقرار لبنان وتحوّله مقراً للتهريب والإرهاب مقدمة لموجة هجرة كبيرة من المدنيين نحو أوروبا بحثاً عن ملجأ آمن، وهي خشية دفعت الإتحاد الأوروبي، التي تعتبر فرنسا أحد أعمدته الرئيسية، إلى تقديم مساعدات كبيرة للبنان، مالية وعسكرية، من أجل ضبط الحدود البحرية ومنع أيّ هجرات غير شرعية تنطلق من سواحله، اللهم إلا هجرة النخبة، خصوصاً بعد اندلاع الأحداث في سوريا ربيع العام 2011، ونزوح أكثر من مليوني سوري إليه.

أمّا الجانب الثاني من الموقف الفرنسي وهو الحرص على أمن اسرائيل، وانحيازها الواضح إليها، ولو حاولت شكلاً، في مقابل هجومها ودول الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والغرب على أيّ بلد أو جهة تبدي الحرص على أمن الفلسطينيين واللبنانيين وحمايتهم وتقديم الدعم في مواجهة العدوان الغاشم عليهم، وشيطنتهم.

من الأمثلة على ذلك دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في 6 تشرين الأوّل الجاري، إلى “وقف تسليم الأسلحة التي تستعملها إسرائيل في غزّة”، ما أثار إنتقادات رئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو الذي ردّ على ماكرون قائلاً: “إسرائيل ستنتصر بدعم منهم، أو بلا دعم منهم”، معتبراً أنّ الدعوة “وصمة عار”.

ولأنّ تصريح ماكرون اعتبر خطأ فقد سارع وزير خارجيته، بارو، إلى زيارة إسرائيل في اليوم التالي، في 7 تشرين الأوّل الجاري، حيث اعتبر أنّ الذكرى (طوفان الأقصى) “حزينة”، مؤكّداً أنّها “فرصة لتذكيرنا أن فرنسا ملتزمة إلتزاماً لا يتزعزع بأمن إسرائيل”، ومضيفاً: “لقد كانت كذلك دائماً، وستظل كذلك دائماً، وهذه ليست مجرد كلمات”.

ومن هناك لم ينسَ رئيس الديبلوماسية الفرنسية تحميل حزب الله “مسؤولية كبيرة” في التصعيد، متهماً الحزب بأنه “يهدد العنف بإغراق بلدٍ هشّ للغاية في فوضى دائمة، ممّا يهدد أكثر أمن إسرائيل”، التي لم يأتِ الوزير الفرنسي على ذكرها سلباً أو ينتقد ما تقوم به من إجرام وقتل وتهجير ولو بمجرد كلمة.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal