هل مُنعت المنظمات الدولية من تقديم المساعدات للنازحين؟.. عبدالكافي الصمد

أصوات الشكوى العالية التي ترتفع في كلّ المناطق اللبنانية التي لجأ إليها وافدون من مناطق لبنانية تتعرّض للإعتداءات الإسرائيلية، في الجنوب والبقاع وبيروت والضاحية الجنوبية، إحتجاجاً على عدم تلقيهم أية مساعدات عاجلة وضرورية من أيّ جهة إغاثية كانت، طرحت تساؤلات حول أسباب هذا التقاعس في مساعدة أكثر من مليون شخص، على الأقل، خرجوا من بيوتهم في أيّام قليلة هرباً من نار العدوان الإسرائيلي وجرائمه بحق البشر والحجر والشّجر على حدّ سواء.

ربما تكون إمكانات الدولة الضعيفة والروتين الإداري والبيروقراطية والفساد أسباب رئيسية تقف خلف عجز الدولة، بكل أجهزتها، عن مساعدة الخارجين من مناطقهم ومنازلهم وتوجههم إلى مناطق أكثر أمناً، في الشّمال أولاً وفي مناطق جبل لبنان ثانياً، وإنْ كان هذا العجز غير مبرر لأنّ خروج الأهالي المتضررين من العدوان الإسرائيلي من مناطقهم جرى على دفعات وخلال أشهر عدّة، وليس فجأة، وبالتالي يجب أن تكون أجهزة الدولة المعنية قد اتخذت إجراءات ووضعت خططاً وبرامج إغاثة.. لكنّ هذا للأسف لم يحصل، ولم يلمس المواطنون إهتماماً جدّيّاً ومسؤولاً بهذا المعنى.

بعض الأمثلة، أكبر دليل على ذلك.

أغلب مراكز الأيواء التي جرى فتحها في المناطق الآمنة لاستقبال الوافدين، من مدارس وثانويات رسمية ومعاهد فنية، لم يتلقَ من لجأ إليها أيّ مساعدات تذكر، إلا بالنذر اليسير، من فرش وأغطية ووجبات غذائية (لم تكن الوجبات كافية قياساً بأعداد الوافدين، وبعض هذه الوجبات كان فاسداً) ومن حليب أطفال وأدوية ومستلزمات أخرى، ما جعل الوافدين يجدون مراكز إيواء خالية من أيّ مقومات لإقامتهم فيها ولو بالحدّ الأدنى، لولا تدخل البلديات والأهالي وجمعيات خيرية وضعت هذا العبء على عاتقها بالرغم من إمكاناتها البسيطة، فضلاً عن نخوة الأهالي الذين فتحوا أبواب بيوتهم أمام الوافدين وتشاركوا معهم لقمة الخبز، مع أن أغلبهم من ذوي الدخل المحدود، ويعانون بسبب الضائقة الإقتصادية.

غياب جمعيات وهيئات الإغاثة الدولية عن السّاحة، بشكل كلّي، كان لافتاً، لأنّه غياب لم يكن حاضراً في عدوان تمّوز 2006 ولا في سنوات الحرب الأهلية السابقة (1975 – 1990)، حيث كانت هذه الهيئات الإغاثية تعمل بلا كلل ولا توقف.

ولأنه إذا عرف السبب بطل العجب، فقد تسربت معلومات عن أنّ الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي وحلفائهم ضغطوا على المنظمات الدولية الخاضعة لهم، أو الواقعة تحت تأثيرهم، ومنعوهم من تقديم أيّ مساعدات إغاثية لهؤلاء الوافدين، إلتزاماً منهم بالدعم المطلق الذي يقدمونه للكيان الإسرائيلي، ضاربين بعرض الحائط كلّ المبادىء والقيّم الإنسانية التي يدعون دفاعهم عنها، وحمايتهم لها.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal