حراك غير موفق.. بمطالب محقة!!.. غسان ريفي

عندما إنطلقت ثورة ١٧ تشرين في العام ٢٠١٩ سارعت بعض السفارات الى حماية وإحتضان الشارع قبل أن تمسك به بشكل كامل وتحركه وفقا لأجندات معينة مستغلة معاناة اللبنانيين الذين قادتهم الشعارات البراقة الى المشاركة الفاعلة، حيث عملت بعض الغرف التي تم إعدادها بعناية على رفع وتيرة الحراك أو تقليصه وفقا للحاجة السياسية، وصولا الى إنتفاض الشارع السياسي الذي تمكن من شل الحراك ومن ثم الانتصار عليه.

بالرغم من كل الدعم الدولي والأموال التي صرفت، والحمايات التي تم توفيرها، فإن غرف السفارات فشلت في تطويع التيارات والأحزاب السياسية من خلال الشارع الذي تبقى لعبته سيف ذو حدين.

لا شك في أن موازين القوى في لبنان اليوم ليست لصالح أميركا ودول الغرب، في حين أن الواقع السياسي اللبناني الممتد منذ طوفان الأقصى يستفز جوقة السفارات التي تشير معلومات الى أنه وصلها قبل فترة أمر عمليات لتوتير الأجواء والهجوم على الحكومة.

الحراك شكلا موجه ضد الحكومة تحت عنوان معيشي ومطالب محقة، لكن في المضمون يهدف من خلال الجهات الراعية له الى إرباك المشهد السياسي اللبناني، وصولا الى ضرب الانسجام القائم في البلد، وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على أن هذا الغرب وأدواته في لبنان ليس لديهم ما يهاجمون فيه الحكومة أو وضعها في دائرة الإتهام كون الحكومة متمسكة بتنفيذ القرارات الدولية وهي في الوقت نفسه تمارس حقها في رفض العدوان الاسرائيلي على الأراضي اللبنانية وفي مواجهته.

هذا التقاطع الرسمي القائم بين لبنان الرسمي الذي يقوم بواجباته الدبلوماسية لوقف العدوان وبين لبنان المقاوم الذي يقوم بواجباته في التصدي العسكري على أرض الميدان، يبدو أن قرارا قد إتخذ بضربه وبضرب السياسة التوفيقية القائمة.

وسواء نجح المحركون أم لم ينجحوا في توتير الأجواء، فإن أكثرية الشارع اللبناني اليوم في مكان آخر، واللبنانيون شعب مسيّس لديه رؤية ويستطيع أن يحدد الأولويات، والأولوية اليوم لدى السواد الأعظم في لبنان هي أن يكون موحدا في مواجهة الكيان الصهيوني، وعدم الانجرار الى زواريب السياسة الداخلية تحت عنوان “إنتفاضة الشارع” التي من المنتظر أن تكشف الأيام المقبلة من هي الأداة التي حركت ودعمت.

وفي كل الأحوال، فإن هذا الحراك غير موفق في ظل إعلان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عن إتخاذ قرارات مهمة على صعيد رفع المستوى المعيشي للقطاع العام من خلال زيادات ومساعدات إجتماعية، وفي ظل قيام الحكومة بواجبها الدستوري بدراسة الموازنة تمهيدا لإقرارها، وبمعالجة العديد من المشاكل والأزمات وعدم إتخاذها أي قرار أو إجراء من شأنه أن يحرك الشارع أو يُغضبه، علما أن هذه الحكومة هي حكومة تصريف أعمال، ولو تم إسقاطها في الشارع فإنها مستمرة بحكم الأمر الواقع، وبالتالي فإن من يسعى الى شعبوية من النواب أو الى إستمالة شارع أو الى إستجداء شعبية تتراجع، أو الى تسجيل النقاط على الحكومة “فليس هكذا تساق الإبل” في هذه الظروف الدقيقة، خصوصا أن وحدة الصف الداخلي بالنسبة للرئيس نجيب ميقاتي هي شيء مقدس لا يقبل المساس..


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal