إلى أين سيذهب النوّاب الحاليون والسّابقون والكوادر المستقيلة أو المفصولة من التيّار الوطني الحرّ، وكيف سيكون شكل تحرّكهم السّياسي الجديد، هل أنّهم سيشكلون تحالفاً سياسياً جديداً بديلاً من تيّارهم البرتقالي لمواجهة رئيسه النائب جبران باسيل وهو الذي كانت خلافاتهم معه أحد أبرز أسباب إبعادهم أو ابتعادهم، أم أنّهم سوف يلتحقون أو سيتحالفون مع قوى سياسية موالية أو مناهضة للتيّار، أم سيعتزلون السّياسة؟
هذه الأسئلة وغيرها طُرحت بقوة منذ أن بدأت سبحة التيّار الوطني الحرّ تكرّ في شهر نيسان الفائت عندما جرى فصل نائب رئيس مجلس النوّاب إلياس بوصعب من عضوية التيّار، قبل أن يتبعه في شهر آب الماضي فصل النائبين آلان عون ورئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان، وتخللهما إعلان النائب سيمون أبي رميا إستقالته من التيّار إحتجاجاً على السّياسة التي يتّبعها باسيل داخل التيّار.
لكنّ إنفراط عقد التيّار لم يظهر هذا العام، بل بدأ في العام 2010 عندما أعلن الوزير السّابق عصام أبو جمرا، رفيق درب مؤسّس التيّار رئيس الجمهورية السّابق الجنرال ميشال عون، إستقالته وابتعاده عنه، واستمر ذلك لاحقاً حيث استقال العديد من الكوادر والقيادات البارزة في التيّار البرتقالي إعتراضاً على تسليم الجنرال زمام الأمور لصهره باسيل؛ وإذا كان إنتخاب عون رئيساً للجمهورية في العام 2016 قد أوقف مرحلياً ومؤقّتاً تفكّك التيار، فإنّه بعد نهاية عهد عون في العام 2022 فقد شهد التيّار إنهياراً دراماتيكياً لم يتوقف حتى الآن، ولا يُنتظر أن يهدأ في المستقبل القريب، وسط معلومات تشير إلى أنّ عشرات الكوادر قد قدمت إستقالاتها إحتجاجاً، وأنّ نواباً وقيادات في طريقهم للإستقالة من صفوفه.
فمنذ الإنتخابات النيابيّة الأخيرة التي جرت في أيّار من العام 2022 إبتعد العديد من النوّاب الحاليين والسّابقين عن التيّار البرتقالي. أبرز السّابقين كان النوّاب زياد أسود وماريو عون وحكمت ديب ونبيل نقولا، أمّا النواب الجدد فكان ابرزهما النائبان محمد يحيى وميشال ضاهر اللذين أوضحا أنهما تحالفا مع التيّار إنتخابياً لا سياسياً، قبل أن يُبعد أو يبتعد الرباعي بوصعب، عون، أبي رميا وكنعان.
وفي حين لم تتضح بعد وجهة هؤلاء النوّاب، الحاليين والسّابقين، في المرحلة المقبلة، بانتظار التطوّرات والإستحقاقات المختلفة، وأبرزها الإنتخابات النيابية، إذ يحتاج الأمر إلى وقت لإنضاج أيّ توجّه مقبل لهم، فقد أفادت أنّ بعضهم يزمع القيام بزيارة إلى البطريرك الماروني بشارة الراعي، في تحرّك له دلالاته في نظرهم ونظر الشّارع الماروني خصوصاً.
وهكذا، وخلال وقت قصير إنخفضت كتلة التيّار الوطني الحرّ من 21 نائباً حيث كانت تعدّ نفسها الأكبر مسيحياً أمام القوات اللبنانية التي حازت 18 نائباً، تراجعت كتلة التيّار البرتقالي إلى 13 نائباً بعد ابتعاد كتلة النوّاب الأرمن (3 نوّاب) عنها، والنوّاب يحيى وبوصعب وعون وأبي رميا وكنعان.
ومع أنّ إبتعاد هؤلاء النوّاب الحاليين والسّابقين والكوادر يُضعف بلا شك من قاعدة التيّار وشعبيته، نظراً لامتلاك أغلبهم قاعدة شعبية واسعة في دوائرهم الإنتخابية، فإنّ الخلافات بينهم وبين باسيل قد بلغت نقطة اللاعودة، وإثر فشل أيّ مسعى للمصالحة ورأب الصدع، وزاد الوضع تأزّماً إصطفاف الجنرال خلف باسيل ودعمه له.