قراءة في زيارة بهاء الحريري.. هبّات وخيبات !!.. غسان ريفي

هي زيارة الهبّات لرجل الأعمال بهاء الحريري.. ساخنة حملت خيبات في كثير من المناطق وإستدعت توبيخا منه لفريق عمله، وباردة في منطقة أو إثنتين أبدى رضاه عنها. 

بدا واضحا أن زيارة الحريري الى طرابلس وبيروت والضنية والبقاع لم تكن ناجحة، اذا لم نقل فاشلة، حيث لم تترك أي أثر أو بصمة ولم تحمل أي مغزى سياسي في ظل طيف الرئيس سعد الحريري الذي طغى على محطات الزيارة وتُرجمت بلافتات تشيد بالرئيس الشقيق وصوره وبمقاطعة واضحة سياسية وإجتماعية وأهلية، فاقتصر الزوار على حضور خجول لمواطنين جاؤوا الى لقاءات “رفع عتب” أو “موائد غداء” قدموا رؤيتهم وطرحوا تساؤلاتهم وإستمعوا من الحريري الى كلام فضفاض والى شعارات لا تسمن ولا تغني من إنماء أو تحسين واقع أو أي مشروع ملموس، حيث ملأ الحريري دفاتره بملاحظات وطلبات و”على الوعد يا كمون”.

في المنية، كان الوضع أفضل، ففي مدينة الشهيد رفيق الحريري حرص أهلها على الترحيب بنجل الشهيد كونه “من رائحته” وهذا الأمر من شأنه أن يحصل مع أي شخص من آل الحريري، وكذلك في بعض قرى عكار التي تعاطت بعاطفة جياشة حيال “الإبن البكر”، من دون أي إلتزام سياسي ما يزال ساري المفعول مع الرئيس سعد الحريري الذي ما يزال شارعه حاضرا وفياً وينتظر عودته بفارغ صبر.

في الشكل، لم تفرض زيارة بهاء الحريري نفسها على أجواء المناطق والبلدات التي بقيت على هدوئها وربما جمودها، وفي المضمون لم تبدل من واقع الأرض، خصوصا أن كثيرا من المواطنين يخشون الالتزام معه، أو بناء الآمال على عودته، خصوصا أنّ بهاء الحريري تحول الى ما يُشبه قصة “الراعي والغنم” الذي طلب نجدة أهالي بلدته من الذئب الذي يهدد قطيعه من دون أن يصدق معهم، وعندما هاجم الذئب قطيعه فعلا لم يصدقه الأهالي، فالحريري سبق وأوصل الكثير من الناس من طامحين ومرشحين ومنتفعين الى “منتصف البئر وقطع الحبل بهم”، ووعدهم بخوض المعارك السياسية والانتخابية، ثم أقفل خطوطه الهاتفية.

لا شك في أن زيارة بهاء الحريري لم تحقق هدفها السياسي كونها جاءت في التوقيت الخاطئ، فجبهة الجنوب مشتعلة بالعدوان الاسرائيلي، والرئاسة في حالة فراغ قاتل، والانقسامات الداخلية على أشدّها، والطائفة السنية على وفائها للرئيس سعد الحريري وعلى دعمها وتأييدها للرئيس نجيب ميقاتي الذي يخوض معارك الإنقاذ، وعلى إلتزامها مع بعض نوابها، وهي ليست على إستعداد أقله في الوقت الراهن للتعاطي مع مغامرات أو مع طموحات، أو مع حضور قد يتلاشى في أي وقت.

بدا واضحا أن بهاء الحريري “سكِرَ من زبيبة”، بعد محطات قليلة وجد فيها بعض الحشود، فأخذ يطلق المواقف ضد الرئيس الحريري، ويطرح نفسه بديلا عنه، من دون أن تكون الأرضية مهيأة أو النفوس جاهزة لقبول مواقف من هذا النوع، خصوصا تلك المتعلقة بإستكمال مشروع الرئيس الشهيد رفيق الحريري والذي لا يكون بالوراثة ولا بالشعارات ولا بالمواقف العالية السقف، بل بتقديم التضحيات وخوض الانتخابات النيابية وهي وحدها القادرة على تحديد الأحجام السياسية لخوض العمل السياسي وإستكمال المشاريع.

أما الذين حضروا كمرتزقة لتحقيق مكاسب مالية من “الابن المليادير”، فقد أصيبوا بخيبة أمل، بعدما وجدوا أن الرجل “يده ماسكة”، وأكبر دليل على ذلك، ما حصل خلال غداء في منتجع الميرامار في طرابلس، حيث أكل بهاء الحريري السمك وقدم لضيوفه الطاووق.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal