هذا ما سيفعله “حزب الله” داخل إسرائيل..

نشر معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيليّ “INSS” تقريراً جديداً تطرق فيه إلى الأضرار المحتملة للجبهة الداخلية الإسرائيلية ومرونة المجتمع الإسرائيلي في حالة اندلاع حرب واسعة النطاق مع “حزب الله”.

وركّز التقرير على الأضرار الجسيمة المتوقعة في مثل هذه الحرب للجبهة الداخلية المدنية الإسرائيلية واستمرارها الوظيفي، وبالتالي على صمود المجتمع الإسرائيلي وقدرته على التعافي من الحرب.

كذلك، طرح التحليل الحاجة إلى النظر بعناية في المخاطر التي تشكلها هذه الحرب على المجال المدني، لا سيما ما دامت الحرب في قطاع غزة مستمرة.

ويقول تقرير المعهد إنه “يهدف إلى تقييم مدى الأضرار المحتملة للجبهة الداخلية المدنية الإسرائيلية في حرب شديدة الحدّة وشاملة مع حزب الله، والتي من المرجح أن تصبح متعددة الجبهات بمشاركة جميع أعضاء محور المقاومة”.

وتابع: “يركز هذا التقييم على تأثير المرونة الوطنية دون معالجة الاعتبارات العسكرية والسياسية العامة، ويعتمد هذا التحليل إلى حد كبير على سمات هذه الحرب، ومدتها، ونطاقها الإقليمي، والأضرار التي ستلحق بالسكان المدنيين وأصولهم الماديّة، والأهداف الاستراتيجية لإسرائيل، ونتائج الحرب. ومن المرجح أن تكون الحرب التي تهدف إلى إزالة تهديد حزب الله طويلة، ولها عواقب وخيمة على سكان إسرائيل والبنية التحتية الحيوية”.

وأضاف: “في الآونة الأخيرة، بعد اغتيال شخصية بارزة في حزب الله “أبو طالب” في 12 حزيران، ردت المنظمة (حزب الله) بصواريخ غير مسبوقة، بما في ذلك مئات الصواريخ والطائرات بدون طيار التي أطلقت بشكل أساسي نحو أهداف عسكرية في شمال البلاد. بدأت جولة أخرى بعد عملية قتل مماثلة نفذتها إسرائيل في أوائل تموز، تلتها مرة أخرى استجابة واسعة النطاق من قِبل حزب الله. ونتيجة لذلك، دعت النداءات العامة بشكل متزايد إلى شن هجوم عسكري واسع النطاق ضد حزب الله لإزالة التهديد من الشمال والسماح لأكثر من 60000 شخص تم إجلاؤهم بالعودة إلى ديارهم بأمان، وأيد هذا الخيار الجيش الإسرائيلي”.

وتابع: “حتى الآن، أطلق حزب الله أكثر من 5000 قذيفة صاروخيّة عالية المسار ومباشرة باتجاه أهداف مدنية وعسكرية في إسرائيل، مما تسبب في مقتل أكثر من 29 مدنياً وعسكرياً وإلحاق أضرار جسيمة. قبل كل شيء، هناك شعور متزايد بالعبث في ما يتصل بمستقبل الحدود الشمالية، والبلدات الثماني والعشرين التي تم إخلاؤها ومدينة كريات شمونة، يتساءل سكانها عن موعد وظروف عودتهم إلى ديارهم”.

وأردف: “لقد أصبح حزب الله – رأس حربة محور المقاومة الإيراني – التهديد العسكري الرئيسي لإسرائيل منذ حرب لبنان الثانية (2006)، نظراً لتراكمها الدراماتيكي من خلال المساعدة الإيرانية الهائلة. وتتكون ترسانة حزب الله الرئيسية مما لا يقل عن 150 ألف صاروخ وقذيفة وأسلحة فتاكة أخرى، بما في ذلك مئات الصواريخ الموجّهة بدقة متوسطة وبعيدة المدى، والتي تغطي مناطق إسرائيل المأهولة بالكامل”.

وقال: “تشمل هذه صواريخ كروز والصواريخ الباليستية والصواريخ الساحلية المتقدمة المضادة للسفن وآلاف الطائرات بدون طيار وطائرات من دون طيار أخرى وصواريخ دقيقة قصيرة المدى مضادة للدبابات. إلى جانب الأنظمة الإلكترونية المتقدمة، يمكن أن تتسبب هذه الترسانة الواسعة والمتنوعة في وفيات هائلة وتدمير البنية التحتية الوطنية الحيوية لأهداف مدنية وعسكرية في إسرائيل. الموارد العسكرية لحزب الله أكبر بكثير من الناحية الكمية والنوعية من القدرات العسكرية لحماس قبل الحرب، والنتيجة الاستراتيجية المترتبة على ذلك هي أن حزب الله لديه القدرات العسكرية اللازمة لشن حرب طويلة الأمد للغاية، وربما تستمر لعدة أشهر، وتسبب أضراراً جسيمة لإسرائيل”.

وقال: “في حرب واسعة النطاق مع حزب الله، سيتعين على أنظمة الدفاع الجوي للجيش الإسرائيلي التعامل بمرور الوقت – لا سيما خلال الأسابيع القليلة الأولى من الحرب – مع وابل هائل يصل إلى آلاف المقذوفات يومياً، والتي لا يمكن اعتراضها كلها. هذه القنابل، بما في ذلك تلك القادمة من جبهات أخرى مثل إيران والعراق وسوريا واليمن، يمكن أن تطغى على طبقات الدفاعات الجوية الإسرائيلية وربما تؤدي إلى نقص في ذخيرة الاعتراض. كل هذا يمثّل تهديداً عسكرياً ومدنياً لم تتعرض له إسرائيل قط. في مثل هذا السيناريو، سيحتاج الجيش الإسرائيلي إلى تحديد الأولويات بين الأهداف الإسرائيلية المحتملة المختلفة وتخصيص موارده للدفاع الأكثر فعّالية، ومن المرجح أن تعطي القوات الجوية أولوية قصوى للدفاع عن الأصول العسكرية الحيوية مثل قواعد القوات الجوية، والأولوية الثانية للبنية التحتية الوطنية الأساسية، والأولوية الثالثة فقط للسكان المدنيين. مع ذلك، سيكون الامتثال العام لتنبيهات قيادة الجبهة الداخلية واستخدام الحماية السلبية (الملاجئ بأنواعها المختلفة)، والتي تعاني من نقص شديد، أمراً بالغ الأهمية لحماية المدنيين”.

وتابع: “إن حماية البنية التحتية الوطنية الحيوية أمر هام للحفاظ على الاستمرارية الوظيفية المطلوبة في المجالين المدني والعسكري أثناء حالات الطوارئ، وهذا يشمل الأنظمة الحساسة مثل شبكة الكهرباء والاتصالات وشبكات النقل البري والبحري والجوي وسلاسل التوريد من الخارج وداخل البلاد. وقد ينجم ذلك إلى اضطرابات في إمدادات الطاقة بسبب الضربات المباشرة لمرافق الإنتاج والنقل، فضلاً عن التهديدات لمنصات إنتاج الغاز الطبيعي. كذلك، قد تتعرض هذه الأخيرة للضرب أو الإغلاق لأسباب تتعلق بالسلامة، مما قد يؤدي إلى نقص في الطاقة على المستوى المحلي والوطني. وسيكون لهذا عواقب وخيمة على الاستمرارية الوظيفية والاقتصاد الوطني والحياة اليومية لمواطني إسرائيل”.

وأكمل: “بعد ما يقرب من تسعة أشهر على حرب غزة، إلى جانب حرب الاستنزاف المحدودة المستمرة ضد حزب الله، يتزايد الخطاب في إسرائيل حول الحاجة إلى إيجاد حل عسكري للتحدي الاستراتيجي الذي يمثله حزب الله، وإعادة الحياة الطبيعية إلى المجتمعات الحدودية الشمالية. أي اعتبار في ما يتعلق بالقرار بشأن ما إذا كان ينبغي لإسرائيل الانخراط في حرب مع حزب الله، ومتى وكيف وتحت أي ظروف، وربما في حرب متعددة الجبهات ضد إيران ووكلائها الآخرين، يجب أن يُأخذ في الاعتبار التكاليف المتوقعة على المدى القصير والطويل للجبهة الداخلية المدنية. وكجزء من الاعتبارات المتعلقة بالكيفية التي ينبغي أن تتصرف بها إسرائيل رداً على التهديد من الشمال، ينبغي إيلاء وزن خاص لتقييم حكيم لتأثير ذلك على القدرة الوطنية الإسرائيلية على الصمود، لا سيما في سياق الأشهر الطويلة والمرهقة من الحرب في غزة”.

وأردف: “في أي قرار يتخذ في إسرائيل بشأن توسيع نطاق الحرب في الشمال، ينبغي إيلاء اعتبار جدي للمناخ العام الحالي في إسرائيل، والنقاش العام والسياسي السام، بما في ذلك حول مستقبل الحرب في غزة، والتراجع الواضح في قدرة إسرائيل على الصمود. ومن الضروري مراعاة الرأي العام الإسرائيلي ومستوى موافقة الجمهور على هذه الحرب وأهدافها. ما دامت الحرب في غزة مستمرة، يجب على إسرائيل تجنب الانجرار إلى حرب متعددة الجبهات وشديدة ويجب أن تنظر بعناية في التوقيت المناسب لمثل هذا الاحتمال الخطير. بطبيعة الحال، إذا بدأ حزب الله تصعيداً كبيراً أو تسبب فيه بوضوح، فيجب على إسرائيل الرد بطريقة محسوبة ومتناسبة”.

وقال: “إذا اندلعت حرب شاملة مع حزب الله، فيجب على إسرائيل أن تسعى جاهدة لتشكيل هذه الحرب لتكون قصيرة المدّة ومحصورة إقليمياً قدر الإمكان، بهدف إلحاق أقل قدر ممكن من الأضرار المادية والمعنوية بالجبهة الداخلية الإسرائيلية”.

(الخنادق)


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal