منذ إعلان المجلس الدستوري قراره، يوم الخميس الماضي في 21 شباط الجاري، بإبطال نيابة ديما جمالي، واعتبار المقعد السنّي الخامس في طرابلس شاغراً، بعد الطعن الذي تقدّم به مسؤول جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية (الأحباش) في الشمال طه ناجي، الذي كشف قرار المجلس الدسوري تقدّمه حسابياً على جمالي، لكن القرار حرمه مقعداً نيابياً يفترض القانون أنه من حقّه، تعيش مدينة طرابلس أجواء تحضيرية تسبق عادة الإنتخابات النيابية.
فبالرغم من أن المجلس الدستوري دعا في قراره إلى إجراء إنتخابات فرعية في غضون شهرين من تاريخ إصدار قراره، فإن وزارة الداخلية لم تتخذ حتى الآن أي إجراء في هذا الصدد، سواء بما يتعلق بتحديد موعد الإنتخابات المرتقبة، أو فتح باب الترشح وإغلاقه، وغيرها من الإجراءات.
إلا أن ذلك لم يمنع إزدحام الوسط السياسي والشارع الطرابلسيين بالكثير من التحليلات حول الإستحقاق الإنتخابي الفرعي، ومحاولة إستقراء وتلمّس نتائج الإنتخابات سلفاً، وكشف بعض ما يكتنفها من غموض ونقاط مبهمة، تحتاج إلى وقت لتوضيحها.
ومن بين مختلف النقاط الملتبسة يمكن التوقف عند أبرزها، وهي:
أولاً: يدور تساؤل حول إن كانت وزارة الداخلية ستلتزم بقرار المجلس الدستوري وتجري الإنتخابات الفرعية ضمن المهلة الزمنية المحددة، أم أنها ستماطل في ذلك لأسباب مختلفة، سياسية بالدرجة الأولى متعلقة بحسابات تيار المستقبل الذي تنتمي جمالي إليه، الذي يريد خوض إنتخابات وهو في وضع مريح يجعله يربح المقعد النيابي الذي فقده، من غير أن يخوض مجازفة إنتخابية غير مضمونة النتائج.
ثانياً: لم يعلن طه ناجي ترشحه للإنتخابات النيابية الفرعية، كما فعلت منافسته ديما جمالي التي أعلنت ترشحها من بيت الوسط بعد لقائها الرئيس سعد الحريري الذي أعلن تبنيه ودعمه لها. وتريثه لا يعني أنه لن يترشح، لكنه يفضّل إجراء المزيد من الدراسة حتى تأتي خطوته متكاملة من جميع الجهات، وبعد التشاور مع حلفائه كي يؤمن أكبر حشد سياسي داعم له لاستعادة مقعده النيابي ″المسلوب″.
ثالثاً: تدلّ مؤشرات أولية الى أن التنافس في الإنتخابات الفرعية المقبلة لن يكون بين طرفي النزاع والطعن الدستوري، جمالي وناجي، إذ أوحت تصريحات عدد من المرشحين السابقين إلى أنهم قد يخوضوا الإنتخابات، وهو أمر سيؤدي إلى خلط أوراق وسيجعل التنبؤ بنتيجة الإنتخابات صعبة، خصوصاً إذا كان المرشحون للإنتخابات الفرعية يتمتعون بحيثية شعبية مهمة.
رابعاً: لم يتضح بعد على نحو نهائي موقف القوى السياسية الأخرى غير المعنية بالإستحقاق الإنتخابي، خارج جمالي وناجي، وإاذا كان البعض منها أعلن موقفاً مبدئياً بتأييد أحدهما في التنافس الإنتخابي، فإن الأمور تنتظر الصورة النهائية التي سيستقر عليها الصراع الإنتخابي بين المتنافسين، وعددهم، وموازين القوى التي تحكم عادة أي إنتخابات.
خامساً: شهد الشمال في أعوام 1996 و2010 و2013 ثلاث إنتخابات فرعية، الأولى بعد الطعن الذي قدمه مخائيل الضاهر بنيابة فوزي حبيش في عكار، والثانية بعد وفاة نائب المنية هاشم علم الدين، والثالثة بعد رحيل نائب الكورة فريد حبيب، وفي المرات الثلاث تبيّن أن لا حماسة تدعو الناخبين للنزول إلى صناديق الإقتراع كما يحصل في الإنتخابات العامة، ففي كل من هذه الانتخابات لم يصل عدد الناخبين في الإنتخابات الفرعية إلى 50 في المئة من عدد الناخبين في الإنتخابات العامة، وفي حالة طرابلس يتوقع أن يكون عدد ممّن يعزفون عن الاقتراع كبيراً، لأن الناخبين المؤيدين للقوى السياسية الأخرى، غير جمالي وناجي، لن يجدوا أنفسهم معنيين بانتخابات لا تعنيهم مباشرة، وهو عزوف سيجعل التكهن بنتيجة الإنتخابات الفرعية صعباً.
مواضيع ذات صلة:
-
القصّة الكاملة لـ″قلم إنتخابات قرصيتا″ الذي أبطل نيابة ديما جمالي… عبد الكافي الصمد
-
بعد إلغاء نيابة جمالي .. مصير إنتخابات طرابلس الفرعية بيد ميقاتي… عبد الكافي الصمد
-
إهتراء مالي وإقتصادي يواجه الحكومة.. كيف ستعالجه؟… عبد الكافي الصمد