مبادرات الوقت الضائع.. دليل إفلاس!!.. غسان ريفي

بات معلوما، إن الانتخابات الرئاسية في لبنان تتم بقرار دولي وتوافق محلي، ومع دخول الفراغ شهره الثامن بعد السنة، يبدو أن القرار الدولي لم ينضج بعد بإنتظار وقف الحرب على غزة، والتوافق المحلي مفقود، لا بل الإنقسامات تزداد، بما يجعل الاستحقاق في علم الغيب.

في غضون ذلك، تكثر المبادرات التي تساهم في تحريك الأجواء السياسية شكلا، لكنها فارغة المضمون وتدل على إفلاس كامل وعدم وجود أي آلية حقيقية للحل لدى أي كان.

بعد زيارة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان الى لبنان وعودته الى بلاده بخفيّ حنيّن، يبدو أن اللجنة الخماسية قد إنفرط عقدها، حيث بدأ كل من أركانها يتحرك بمفرده من الفرنسي الى القطري فالسعودي، ما أدى الى تجميد حراك تكتل الاعتدال الوطني الذي كانت الخماسية تتلطى خلفه، وبعدما إنتهى في مشاوراته الى عقدتين تتعلقان بالدعوة الى الحوار وترؤسه، وقد أخفقت الخماسية ومعها لودريان في إيجاد الحل لهما.

بالتزامن، أصيب اللبنانيون بخيبة جديدة بعدما علقوا الآمال على قمة النورماندي التي جمعت الرئيسين الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون، حيث لم يحمل البيان الصادر عنها سوى كلمات قليلة تدعو الى إنتخاب رئيس والى التهدئة في الجنوب، ما يشير الى أن أركان الخماسية وخصوصا الأميركي والفرنسي قد ضاقوا ذرعا بلبنان وخلافات تياراته السياسية، وأن الأولوية بالنسبة لهم في المرحلة المقبلة هي للوضع الأمني في الجنوب وتطبيق القرار ١٧٠١.

محليا، تنشط مبادرات إثبات الحضور من اللقاء الديمقراطي الذي سار على خطى الاعتدال في الدعوة الى التشاور وإيجاد المساحات المشتركة التي قد تؤدي الى التوافق على إنتخاب الرئيس، الى مبادرة النائب جبران باسيل التي يستهلها من عين التينة اليوم حيث يلتقي الرئيس نبيه بري، وهو يسعى من خلالها الى كسر العزلة التي يشعر بها، بعد القطيعة الكاملة مع التيارات المسيحية وخصوصا القوات اللبنانية، والعلاقة التي تزداد سوءا مع حزب الله نتيجة المواقف الباسيلية التي تدور حولها العديد من علامات الاستفهام، إضافة الى التغطية على الأزمات الداخلية للتيار الوطني الحر والتي تربك القاعدة والقيادة.. إضافة الى المبادرات التي يطلقها بعض النواب وكلها “ممنوعة من الصرف”.

وعلى قاعدة: “مارتا مارتا إنك تهتمين بأمور كثيرة وتضطربين، إنما المطلوب واحد”، فإن التيارات السياسية تتنافس في إطلاق المبادرات بينما المطلوب واحد هو التشاور والذهاب بعد ذلك الى إنتخاب رئيس للجمهورية، وهو الأمر الذي يرفضه البعض وخصوصا القوات اللبنانية التي تمتهن التعطيل بشهادة محلية مصدّقة دوليا، فيما البعض الآخر ينتظر التسوية الاقليمية وما ستحمله الى لبنان ويمني النفس ببعض المتغيرات.

مع تلك المبادرات الفاشلة سلفا، يبدو أن الكتل النيابية قد وضعت لبنان بملء إرادتها على لائحة الانتظار الدولية، وربما سوف تنتظر طويلا حتى يأتي دوره، فهل تتسع ولاية مجلس النواب لكي يتمكن من ترجمة التسوية الى إنتخاب رئيس، أم أن هذا المجلس سيتعذر عليه إتمام هذا الاستحقاق؟..


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal