أتوا من كل البقاع اللبنانية ليحتفلوا بعيد الفن في طرابلس (25 شباط) إحياء لفعالية طرابلس عاصمة ثقافية للعالم العربي 2024.
تم إقرار عيد الفن بعيد انتهاء الحرب الأهلية عندما كان يرأس جمعية الفنانين التشكيليين للرسم والنحت الدكتور عدنان الخوجة (وهو ابن طرابلس من الفنانين العشرة).
173 فنانا وفنانة شاركوا في هذا المعرض الذي أدهش الحضور بضخامته وترتيبه وموقعه الجميل في مركز العزم الثقافي (بيت الفن).
نُظم المعرض بإيعاز من معالي وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى، الذي كلف جمعية الفنانين اللبنانيين ونقابة الفنانين بالتعاون مع لجنة الفنون المعتمدة لطرابلس عاصمة ثقافية، بتنظيم هذا الحدث.
وطبعا أتى ذلك حرصا من معالي الوزير على تعزيز النشاط الثقافي في المدينة، وهو الذي يدير فعاليات طرابلس العاصمة الثقافية من مكتبه في المدينة، حيث يمضي غالب أوقاته، مشكورا.
ولا بد من قراءة متأنية لأهمية الاحداث الكبيرة ولأهدافها وأبعادها. فعندما يصل إلى المدينة ثلاثة باصات تضم أكثر من 100 فنان، ويمضون نهارا كاملا، يتعرفون فيه على تاريخ المدينة وعلى حرفها ومعالمها التاريخية، ويجولون في الأسواق العريقة ويشعرون بعبق الزمن الأصيل، ويقتنون الهدايا التي يقدمها لهم جركس وحسون للصابون التقليدي، ويتعرفون على الحرفة التي ما تزال مستمرة منذ القرن الثالث عشر حيث نقلت من طرابلس إلى مرسيليا مع الفرنجة. تكشف المدينة عن مفاتنها ومقتنياتها بفخر من أهلها وترحيب حار أشعل الجو حرارة وكرم وأصالة لمدينة تاريخية جذابة.
من القلعة إلى الجوامع والخانات والحمامات، كان اليوم سياحيا حافلا في طرابلس وما أحوجنا للسياحة الداخلية حيث ما تزال غالبية السفارات الأجنبية تنصح رعاياها بعدم زيارة طرابلس متذرعة بالوضع الأمني المتأزم فيها، حيث تأكد الجميع أن المدينة شأنها شأن سائر المدن اللبنانية تحتضن السواح وتغمرهم بعطرها الفواح…
اختتمت الجولة بقص الشريط في بيت الفن الذي استقبل المعرض برحابه وطوابقه العليا والسفلية. ولا شك أن لهذا المكان سحره وجماليته، وأن لاستقبال القيميبن عليه حفاوة خاصة. وقد بدت الأعمال في الترتيب العام متنوعة، غنية بأساليبها وقد تكون متفاوتة بين محترف وهاو، لكن المزيج العام أعطى للمعرض نكهة احتفالية تنسجم والحدث.
قص معالي الوزير محمد وسام المرتضى الشريط بحضور سعادة النائب طه ناجي، ورئيس بلدية طرابلس الدكتور رياض يمق ممثلا بالدكتور باسم بخاش، ورئيسة بلدية الميناء بالوكالة القائمقام إيمان الرافعي ورئيس منظمة الأونسكو الأستاذ شوقي ساسين، ورئيس جمعية الفنانين الأستاذ ميشال روحانا. وتعاقبت أمام الحضور الكثيف الذي جاء مرحبا بالفنانين الحاضرين اربع كلمات قدمت لها، عضو الهيئة الإدارية في جمعية الفنانين، الدكتورة رويدا الرافعي. رحب أولا رئيس بيت الفن الأستاذ عبد الناصر ياسين بالحضور، وشكر كل الأيادي البيضاء التي ساهمت في إنجاز هذا الحدث. ثم تكلم الرئيس روحانا شاكرا الفنانين الذين شاركوا في الاحتفالية، وقدم الأستاذ فؤاد شهاب كلمة نقابة الفنانين التي تسعى وتعمل دون كلل للحفاظ على حقوق الفنان، وكانت الكلمة الختامية لمعالي الوزير محمد وسام مرتضى الذي أعطى صورة جميلة عن طرابلس عاصمة ثقافية وعن الجهود المبذولة من قبل وزارته لإنجاح هذا الحدث، كما شكر الجميع لجهودهم، وشكر أيضا دولة الرئيس نجيب ميقاتي وله الثناء من قبلنا لأنه الوحيد في البلد الذي يقدم مقر العزم الثقافي أمام كل المبادرات الهادفة دون أي مقابل، ويفتح الآفاق ويسهل كل النشاطات القادمة.
ومن ثم حرص الوزير مرتضى على زيارة كل فنان والتقاط صورة معه امام لوحته، وكان لذلك وقع جميل شجع الفنانين كثيرا.
طبعا، لن تكتفي لجنة الفنون بهذا النشاط الناجح ، ولديها مشروع طموح للمدينة ومستدام. ونتمنى دعم معالي الوزير وتأمين الرعاية للمعارض اللاحقة، وقد توجهنا لفنانين مرموقين من ذوي الرفعة العالمية ليوم الافتتاحية، ونعمل على تذليل العقبات التي تحول دون الوصول إلى ما نتمناه لطرابلس عاصمة ثقافية بكل معنى الكلمة. ويتضمن البرنامج الفن والثقافة في الشارع وفي المدارس، وإقامة المعارض لكبار الفنانين اللبنانيين وغيرهم، وتنظيم سلسلة تحمل عنوان “يوم طرابلس في البلدات” خلال فصل الصيف، وسلسلة من المعارض المختلفة (حرفية راقية، أنتيكا، وغذائية، وشبابية). إضافة إلى مؤتمرات علمية وإصدارات يشارك فيها الفنانين والباحثين.
طرابلس عاصمة ثقافية يعني أن تكون الثقافة في كل الحارات والأزقة، وان تحظى بمكانة لها في كل مدرسة وجامعة وفي كل تكية وخان، وان يزورها الناس من كل حدب وصوب، وأن يتحرك الاقتصاد والبلد وتتشكل هويتها القادمة. بمعنى آخر “طرابلس ما بعد العام 24، لن تكون كما قبلها… على الأقل هذا ما نحلم به لمدينة تستعيد هذه الفرصة التاريخية لتنطلق نحو الحداثة والمستقبل..
Related Posts