ندوة في “الاميركية” عن الترسيم البحري والبري ومستقبل قطاع الطاقة

عقدت في الجامعة الأميركية في بيروت، ضمن فاعليات مشروع “لبنان في قرنه الثاني: رؤية مستقبلية”، الندوة الثانية من مسار الأمن والدفاع بعنوان “الترسيم البحري والبري ومستقبل قطاع الطاقة”، بحضور عدد من المختصين بالشأن الأمني والإعلاميين.

تضمنت الندوة أربع جلسات بإدارة العميد المتقاعد والباحث العسكري والإستراتيجي ناجي ملاعب، الذي شدد على “الدور الأساسي الذي يجب أن يلعبه الجيش اللبناني في موضوع ترسيم الحدود”.

وطالب بـ”تأخير سن التقاعد لأفراد الجيش والضباط إلى ما بعد سن الثامنة والخمسين، لأنهم في هذه السن لا يزالون قادرين على العطاء، وباستطاعتهم نقل خبراتهم إلى الجيل الجديد، خاصة وأن الدولة قد تكفلت وتكلفت بكل ما يتعلق بالتدريبات والدورات التي شاركوا فيها من أجل أن يصلوا إلى ما وصلوا إليه من خبرة”.

الجلسة الاولى

وتحدث في الجلسة الأولى وعنوانها “الحدود البرية الدولية بين لبنان وفلسطين المحتلة، تحديات الخط الأزرق”، العميد الركن المتقاعد خليل الجميل الذي أشار إلى أن “الحدود الجنوبية تبدأ من رأس الناقورة وتنتهي بجبل الشيخ، وتعاني من مشكلتين: مشكلة التحفظ، ومناطق النزاع، أي قرية الغجر ومزارع شبعا”.

ولفت الى أن “كل التغيرات بعد سايكس بيكو كانت على حساب لبنان، الذي يعمل حاليا على خط الهدني المذكور باتفاقية الهدنة في العام 1948، وهو خط خال من الأخطاء، بينما الخط الازرق ليس خط حدود دولية، بل هو خط انسحاب وضع سنة 2000. وقد وضع لبنان 13 تحفظا على الخط الأزرق، إذ قضم من الأراضي اللبنانية في 268 نقطة، حيث لا بتطابق الخط الأزرق مع خط الهدنة أي على مساحة 485 ألف متر مربع”.

وأشار الى أن “الإشكالية الثانية هي في الخروقات الدائمة، وتبلغ 18 خرقا دائما، حيث تحتل إسرائيل 719452 مترا مربعا، سكانها سوريون يقيمون في الأراضي اللبنانية ويحملون جنسيات إسرائيلية، بالإضافة إلى نفق الناقورة الذي يبلغ طوله 60 مترا في الأراضي اللبنانية، ويستعمله الإسرائيليون معلما سياحيا.”

الجلسة الثانية

وتحدث العميد الركن البحري مازن بصبوص في الجلسة الثانية، عن “اتفاق الترسيم بين لبنان والكيان الإسرائيلي ودور الجيش في ترسيم الحدود البحرية”، فأكد أن “نزاع لبنان على الحدود البحرية مع إسرائيل بدأ في العام 2011 نتيجة الترسيم الخاطئ مع قبرص في العام 2007 الذي تراجع فيه لبنان عن النقطة الثلاثية جنوبا الى النقطة رقم (1) والذي استغلته إسرائيل لترسيم حدودها مع لبنان انطلاقا من الناقورة وصولا إلى هذه النقطة، قاضمة مساحة 860 كلم مربع من المياه اللبنانية التي رسمت انطلاقا أيضا من الناقورة مرورا بحدود بلوكات النفطية الإسرائيلية Alon F و Alon D ولكن وصولا الى النقطة (23)، وفي تموز 2011 اكتشفنا أن حدودنا هي عند الخط 29 وليس 23، وبالتالي خسر لبنان بالإضافة الى مساحة ال 860 كلم2 أكثر من 1430 كلم2 من حدوده البحرية. ثم أودع لبنان الخط 23 في الأمم المتحدة، ولكن الجيش اللبناني أصر على استكمال جميع الدراسات التقنية والقانونية التي تبرهن حق لبنان بالخط 29. وبهذه الحالة يصبح حقل كاريش الواقع في مساحة 1430 كلم2 متنازع عليه، وعندها لن يكون باستطاعة إسرائيل المجيء بشركات للتنقيب عن النفط في هذه المنطقة”.

وقال: “في العام 2019 وبعد إنشاء مصلحة هيدروغرافيا في الجيش أنهينا العمل على ملف الحدود البحرية وتم الاستعانة بأهم خبير دولي بترسيم الحدود البحرية هو الخبير نجيب مسيحي، وأرسلنا الملف الذي يتضمن الخط 29 إلى مجلس الوزراء، ولكنه لم يعرض حينها على المجلس. في تموز من العام 2020 وافق رئيس الجمهورية آنذاك على طرح تعديل المرسوم 6433/2011 على مجلس الوزراء والقاضي بوضع الخط 29 في الأمم المتحدة بدلا من الخط 23، لكن هذا الأمر لم يحصل بسبب انفجار المرفأ واستقالة الحكومة. إلا ان رئيس الجمهورية وقع رسالة  في 5 أيلول 2020 ليصار الى إرسالها الى الأمم المتحدة والتي تتبنى الخط 29، حينها وافق الإسرائيلي على المجيء الى مفاوضات الناقورة خوفا من ارسال تلك الرسالة الى الأمم المتحدة وحرمان شركات النفط من العمل في حقل كاريش والبلوك 72 المحاذي للحدود البحرية اللبنانية”.

اضاف: “بنتيجة المفاوضات التي قام بها الوفد المفاوض في الناقورة والملف المحكم الذي تم تحضيره على مدى عشر سنوات والذي على أساسه أرسل لبنان في 28 كانون الثاني 2022 رسالة الى الأمم المتحدة اعتبر فيها أن حقل كاريش متنازع عليه وتحذر شركات النفط من العمل في المنطقة المتنازع عليها والتي تصل الى الخط 29. حينها أيقن الإسرائيلي أن هذه المنطقة ليست آمنة لعمل شركات النفط كونها أصبحت منطقة متنازع عليها وبالتالي وافق على التخلي عن الخط (1)”.

اضاف: “بذلك تم استعادة مساحة 860 كلم2 وتم تحرير جميع بلوكات النفط اللبنانية الجنوبية 8 -9 -10 التي بدأ لبنان بتلزيمها والعمل بها من قبل شركات النفط الأجنبية، إلا انه وللأسف وبدلا من أن يتم توقيع اتفاق على المستوى التقني بين الجانبين أو أن يقوم كل طرف من جانب واحد بإيداع الخط الذي تم الاتفاق عليه لدى الأمم المتحدة عملا بالمادة 16 والمادة 75 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، تم توقيع اتفاق ترسيم على أعلى المستويات استغلته إسرائيل وسجلته كمعاهدة دولية في الأمم المتحدة بالاستناد الى اتفاقية فينا للمعاهدات الدولية، إضافة إلى ان هذا الاتفاق كان يشوبه العديد من الثغرات كإبقاء منطقة الطفافات مقابل الناقورة محتلة ووضع شروط إسرائيلية على العمل في البلوك رقم 9 اللبناني.”

الجلسة الثالثة

وفي الجلسة الثالثة وعنوانها “قطاع الطاقة في لبنان: من منظار الحوكمة الرشيدة”، تحدثت المتخصصة في مجال حوكمة الطاقة ديانا القيسي، فاعتبرت أن “عدم اتخاذ القرارات الصحيحة بالوقت المناسب أدى إلى تفاقم الأزمة سواء بالكهرباء والطاقة المتجددة أم في موضوع القفز فوق صلاحيات هيئة الشراء العام”.

وقالت: “لذا، فإن التعلم من أخطاء الماضي والإصلاح العملي للأمور هو أمر ضروري وملح، ولا يمكن الحديث عن ترسيم الحدود أو ملف الكهرباء أو الصندوق السيادي وغيره دون استراتيجية متكاملة لقطاع الطاقة، التي يجب وضعها بطريقة تشاركية شاملة عبر مشاورات مع أصحاب المصلحة كافة، ومن خلال الاستعانة بخبراء لبنانيين ذوي اختصاص، كما يجب إدخال الطاقة المتجددة وليس فقط النفط والغاز والكهرباء”.

اضافت: “القوانين في لبنان تتضمن بنودا جيدة، مثل قانون الكهرباء الذي نص على إنشاء هيئة ناظمة لقطاع الكهرباء والتي إلى اليوم لم تشكل، إضافة إلى مرسوم تعيين هيئة إدارة البترول الذي يجب أن يقر اليوم قبل الغد. كما أن مجلس الإدارة يعمل بثلاثة أعضاء بدلا من ستة، وبأقل ميزانية ممكنة لا تسمح لهم بالعمل الطبيعي، ما يعني أن عملهم شبه تطوعي. ويجب تحديد صلاحيات الوزراء، ولا يجوز طعن الجيش اللبناني الذي عمل على عدم تفريط لبنان بحدوده البحرية”.

وتابعت: “أما بالنسبة إلى ملكية المنفعة، فيجب الإفصاح عن المالكين الحقيقيين والمنتفعين الاقتصاديين لجميع الشركات التي تعمل في مجال الطاقة في لبنان. يجب أيضا تعيين هيئة ناظمة للكهرباء بدلا من إعطاء امتيازات خاصة لمجلس الوزراء في منح تراخيص مشاريع الطاقة المتجددة. ويجب التدقيق الكامل ونشر التقرير في حساب مصرف لبنان الذي يتضمن إيرادات بيع المسوحات الزلزالية. إذ إن كل ما نعرفه إلى الآن هو أن الحساب تضمن سنة 2021 ما يقارب ٤٥ مليون دولار. كما أن إقرار الخطة الوطنية للتسرب النفطي أمر ضروري جدا، والوزارات غير محضرة لأي تسرب نفطي حصل أو سيحصل ويقتصر الأمر على دور الجمعيات التطوعية”.

وأشارت إلى أن “عقد روزنيفت الذي يتعلق بتأهيل منشآت نفط طرابلس واستعمالها للتخزين هو عقد معيب ومجحف، وعلى الدولة أن تعود عن العقد غير القانوني أصلا وتدرس تأهيل المنشآت للاستفادة منها”.

الجلسة الرابعة

أما أمين سر مركز “الولاء للوطن للبحوث والدراسات” العقيد المتقاعد ناصيف عبيد، فتحدث في الجلسة الرابعة تحت عنوان “تحديات الأمن الوطني – تحديد حدود الأمن الوطني وحمايتها”، مشيرا إلى أن “الحدود هي الترسيمات السياسية التي تحدد نطاق سيادة الدولة حيث تفرض قوانينها وتدافع عنها لكي تحمي مصالحها من أي تهديد أو اعتداء. إذ إن كل تهديد أو اعتداء على المصالح الوطنية يشكل جبهة حدود مادية أو معنوية، ويستوجب الدفاع عنها”.

وقال: “عندما تتكاثر الجبهات التي تهدد الوطن ومصالحه، تصبح المواجهة معقدة وتتطلب إستراتيجية وطنية. لذلك نرى أن آلية وضع إستراتيجية الأمن الوطني هي الطريقة الأسلم لإنقاذ لبنان وإعادة بنائه. أما مرتكزات إستراتيجية الأمن الوطني فهي: تحديد مصالح لبنان وأولوياتها، وتقييم التحولات، والتحديات بالمقارنة مع المصالح، وتحديد التهديدات وفقا لدرجة خطورتها، وتحديد الأهداف، ووضع إستراتيجية استخدام الوسائل المتوفرة من أجل تحقيق الأهداف، ونجاح إستراتيجية الأمن الوطني التي تتطلب مخططا متكاملا دون ثغرات، لأن التهديدات تستغل الثغرات وتنفذ من خلالها، ومجابهة التهديدات الخارجية التي يتطلب جبهة داخلية متراصة”.

وقدم الاقتراحات التالية لحماية حدود المصالح الوطنية: “إنشاء مجلس الأمن الوطني، وإنشاء الهيئة الوطنية لتعزيز الوحدة الوطنية (الهوية الوطنية، ثقافة الحوار والوحدة في التنوع)، وإنشاء معهد التدريب على الإدارة الوطنية، وإقرار مشروع خدمة الوطن التطوعية الاختيارية، وتعزيز المدارس والجامعات الرسمية.”


Related Posts


 

Post Author: SafirAlChamal