جميعنا متفقون على أنه لا يجوز التحكيم في القضايا الإرثيّة وفقا للقانون اللبناني طالما أنها من مسائل الأحوال الشخصية التي يمنع التحكيم فيها، فالتحكيم كما عرفته مجلة الأحكام العدلية “هو اتخاذ الخصمين برضاهما حاكما يفصل خصومتهما و دعوتهما”
لماذا لا يجوز التحكيم في القضايا الإرثية؟
حقيقة ان التحكيم جائزٌ في القضايا المدنية والتجارية و ضيّقٌ في القضايا الادارية و لا يجوز على إطلاقه في مسائل الاحوال الشخصية فلا يجوز للفرقاء ان ينصّبوا محكّما في كل ما يدور حول مركز الشخص من أسرته كأن يكون ذكرا او أنثى ولد شرعيا او غير شرعي متزوجا او غير متزوج وارثا او غير وارث.. جميع هذه الأمور تحكمها قواعد قانونية مستمدة من الكتب السماوية و متعلقة بالنظام العام و لا يجوز الاتفاق على مخالفتها..لما يترتب عليها من نتائج قانونية و أوضاع مدنية تتعلق بحقوق الغير كالنسب و النفقة و غيرها من الأمور..
فلا يجوز ان ننصّب محكما لتوزيع مقدار الأنصبة الإرثية بين الورثة و لا يجوز للمورّث ان يوصي لوارث عملا بالحديث الشريف”ان الله قد أعطى كل ذي حق حقه،فلا وصية لوارث”
ولا يجوز لمورّث ان يوصي لغير وارث إلا بمقدار الثلث من أملاكه عملا بالحديث الشريف “… الثلث والثلث كثير”
المُهم.. أو بالاحرى ليس ما يهمني هنا و في معرض هذا المقال ان أشير الى ما تنص عليه مجموعة الأنظمة الشرعية والتي مصدرها النصوص الشرعية والحكاية الثابتة والنقل الصحيح والاجتهاد العقلي ممن توافرت لديه”ملكة الإجتهاد” و ما أجمع عليه الفقه والقضاء فجميع هذه القواعد القانونية من المسلمات التي لا يختلف إثنان فيها ،لكن ما يهمني أن أشير هنا الى المُورّث عندما يقوم مقام المحكّم(الغير جائز في القضايا الإرثيّة ويلجأ الى تنظيم عقود بيع صورية لمصلحة وريث و حرمان باقي الورثة من حقهم في الميراث) أليست هذه العقود تخفي في أغوارها تحكيما واستنسابية في مسائل الأحوال الشخصية؟!!
كثيرة هي النزاعات التي تعرض امام محاكمنا بهذا الشأن،
وكثير ما أسأل نفسي كيف ان التحكيم ممنوع في القضايا الإرثيّة و كيف للمورث و في كثير من الحالات يستطيع ان “ينفد بفعلته ” فيوزع الأنصبة الإرثيّة ببن ورثته كيفما يشاء..
و في كل مرة لا أجد جوابا شافيا و مقنعا سوى ان “رأس الحكمة مخافة الله..”
وسوى القول الفرنسي
“Les lois ne sont pas de purs actes de puissance;ce sont des actes de sagesse de justice et de raison”
الكاتبة: المحامية د.رنا الجمل
أمينة سر الهيئة الوطنية
لحقوق الانسان في لبنان.
المصدر: سفير الشمال
Related Posts