مئة وستة أعوام على وعد بَلفور.. وفلسطين تبقى عربية!.. ديانا غسطين 

“وعد بَلفور”.. الإعلان الذي ارادت من خلاله بريطانيا العظمى انشاء “وطن قومي” لليهود على ارض فلسطين. وقد حظي هذا القرار يومها بموافقة أميركية تلاها رضى فرنسي وايطالي. وقد جاء هذا الوعد استجابة لرغبات الصهيونية العالمية.

وفي  رسالة وجهها وزير الخارجية البريطانية آنذاك آرثر بلفور الى اللورد ليونيل دي روتشيلد أحد أبرز أوجه المجتمع اليهودي البريطاني، بتاريخ ٠٢/١١/١٩١٧، ورد نص الاعلان على الشكل التالي:

“وزارة الخارجية البريطانية

 ٢ نوفمبر ١٩١٧

 عزيزي اللورد روتشيلد

 يسرني جدا أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة صاحب الجلالة التصريح التالي، الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية، وقد عرض على الوزارة وأقرته:

  “إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يكون مفهوما بشكل واضح أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الأخرى”.

 وسأكون ممتنا إذا ما أحطتم اتحاد الهيئات الصهيونية علما بهذا التصريح”.

هذه الاسطر كانت كافية لتعتبرها الصهيونية العالمية وقادتها مستندا قانونيا تدعم به مطالبها في إقامة الدولة اليهودية في فلسطين، وتحقيق حلم اليهود بالحصول على تعهد من إحدى الدول الكبرى بإقامة وطن قومي لهم.

والجدير ذكره ان بلفور قرر منح ارض فلسطين للصهاينة بعد ان كان تشرّب من حاييم وايزمان طروحات اليهود التلموديين الروس، والذين كان الأخير خير ممثل لهم، وهم من كانوا يريدون ان تكون فلسطين وطناً لليهود وليس أي بقعة أخرى من العالم.

الى ذلك، وفي النص المتعلق بالانتداب البريطاني على فلسطين، اقرت عصبة الأمم في ٢٤/ ٠٧/١٩٢٢، بأن السلطة المنتدبة على فلسطين هي مسؤولة عن تطبيق الإعلان الأساسي الصادر عن الحكومة البريطانية في 2/11/1917 والذي يتعلق بإقامة وطن قومي يهودي في فلسطين.

توازياً، نصت المادة المادة الرابعة من إعلان عصبة الأمم، على ان المنظمة الصهيونية هي التي تعتبر الهيئة الممثلة لليهود الموجودين في فلسطين وبالتالي هي التي ستتسلم فلسطين من بريطانيا. وبالتالي، اصبح لإسرائيل ما يسمى “شرعية دولية” او ما يمكن اعتباره شرعية الأقوياء.

وعليه بات واضحاً ان القرار البريطاني اضحى ملزماً لعصبة الأمم التي تحولت لاحقاً الى منظمة الأمم المتحدة والتي اقرت في ٢٩/١١/١٩٤٧ القرار رقم ١٨١، والقاضي بإنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وتقسيمها الى ثلاثة كيانات جديدة هي:

أولا: دولة عربية: تبلغ مساحتها حوالي ١١٠٠٠ كيلومتراً مربعاً اي ما يوازي ٤٢,٣% من فلسطين وتقع على الجليل الغربي، ومدينة عكا والضفة الغربية والساحل الجنوبي الممتد من شمال مدينة أسدود وجنوباً حتى رفح، مع جزء من الصحراء على طول الشريط الحدودي مع مصر.

ثانيا: دولة يهودية، تبلغ مساحتها حوالي ١٥٠٠٠ كيلومتراً مربعاً، اي ما يمثل ٥٧,٧% من فلسطين وتقع على السهل الساحلي من حيفا وحتى جنوب تل أبيب والجليل الشرقي بما في ذلك بحيرة طبريا وإصبع الجليل والنقب بما في ذلك أم الرشراش أو ما يعرف بإيلات حالياً.

ثالثا: القدس وبيت لحم، والأراضي المجاورة، تحت وصاية دولية.

وقد اعتبر هذا القرار اولى المحاولات الاممية لحل القضية الفلسطينية، غير انه “قضم” حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم.

ومنذ ذلك الوقت، والكيان الصهيوني يشن الحرب تلو الاخرى على الفلسطينيين في محاولة لإنهائهم والسيطرة على ما تبقى من ارضهم، عبر تهجيرهم وحرمانهم من حقوقهم وسط تعامٍ دولي مكشوف الاهداف، وتواطؤ أممي يظهر مدى ارتهان الغرب حتى اليوم للحركة الصهيونية العالمية.

هي ١٠٦ اعوام مرّت على “الصك المؤامرة”، او على وعد إعطاء من لا يملك لمن لا يستحق. تتزامن ذكراه هذا العام مع حرب ابادة يشنها العدو الاسرائيلي على قطاع غزة منذ ٧ تشرين الاول الماضي. وسط صمود كبير للشعب الفلسطيني الذي لا يزال يدافع عن ارضه ببسالة رغم جرائم الحرب التي يرتكبها كيان الاحتلال، وهدفه واحد ان تبقى فلسطين.. عربية.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal