أشار شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى، إلى أنّ المتحكمين الكبار بسياسة لبنان يتحملون “مسؤولية استمرار الوضع في لبنان على النحو التدميري السائد حاليًا”، لافتًا إلى أنّه ليس الخارج فقط من يتحمل المسؤولية، وإنما اللاعبون في الداخل الذين يجب أن يعملوا لانقاذ لبنان والحفاظ على مقومات الوطن والدولة، وأيضا التنوع الذي هو مسؤولية تحتاج الى تفاهم لا الى تصادم وخلق المناخات المناسبة لمعالجة المشكلات الراهنة، من خلال الحوار والتلاقي على نقاط مشتركة عدة.
واعتبر في حديث صحفي، أنّ “مصلحة الوطن تقتضي تقديمها على المصالح الآنية والولاءات بالنسبة للفراغ في رئاسة الجمهورية وباقي المواقع الاساسية، وما يجري حاليا يدل على تدمير ممنهج على حساب مصلحة الوطن، وأقله محاصصات المواقع، كل ذلك لا يبني بلدا، حيث يتم تغييب الدستور ووثيقة الوفاق الوطني وسائر القوانين لتعميق الفوضى والتصرف كل على هواه”.
ورأى ابي المنى أنّ “تأنيب السفيرة الفرنسية للمسؤولين وكلامها بأن لبنان ليس بخير، يجب أن يلقى الآذان الصاغية ووقفة ضمير، لاستعادة ثقة الخارج بالبلد أولا وهذا الاستياء العارم نتيجة لما وصلنا اليه، الامر الذي يتطلب الجهد الجدي والاستفادة من التحرك الخارجي لكن عدم الاكتفاء بانتظاره”.
وطالب بـ”العودة إلى روحية الاديان والتراث والانسانية والوطنية، التي تجمع اللبنانيين على أساس راق والتعامل مع بعضنا بإيجابية، فالاختلافات والولاءات الخارجية تكون كما قيل بالمودات، اما الولاء فللوطن مع انفتاح على الخارج.
واننا نتطلع من خلال هذا الأفق السياسي المسدود الى أفق روحي أرحب، عله يفتح المجال باتجاه مبادرات تخرج الواقع من عنق الزجاجة، بمسؤولية روحية جامعة في رسم الطريق نحو تفعيل سبل الحوار”.
وشدد ابي المنى على أنّه “من جهتنا نعمل كمسؤولين روحيين على تنظيم عملنا عبر لقاءات تنسيقية، لتحريك الركود ومحاولة فتح كوة للانقاذ المطلوب، في ظل الفوضى الحاصلة والخشية مما هو أكبر وأخطر، او حتى في عقد قمة روحية نسعى اليها للملمة الواقع ولا تخرج فقط ببيان انشائي.الواقع يثبت حاجة البلد الى حوار اين وعلى اي طاولة وبعد الرئاسة او قبلها، كلها عوامل تؤخذ بالحسبان، انما المهم العمل ووضع مصلحة الوطن العليا فوق ما عداها، فالواقع لم يعد يحتمل”.
وأشار إلى أنّ “كلامنا الوطني يتلاقى مع كلام غيرنا، حيث يجب أن نرفع الصوت قليلا وننظم عملنا ونداءنا أكثر، وأن نتلاقى أكثر وأكثر كمرجعيات دينية روحية لمحاولة تحريك الأمر لأننا وصلنا الى مكان خطير والامر لم يعد يحتمل ولا يطاق، فالتراجع والفوضى التي وصلنا إليها يخشى أن تؤدي بلبنان إلى مهالك أصعب”.
ولفت ابي المنى إلى أنّه “منذ يومين زارني نائب رئيس المجلس الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب وسألتقي البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي قريبًا، لنرى إذا كان هناك من امكانية لعقد قمة روحية فالنقاط والمواضيع واضحة”.
وذكر أنّ “المهم أن تقوم دولة قوية عادلة قادرة على احتضان هذا التنوّع وهذه الخصوصيات، دولة مواطنة، دولة الحقوق والواجبات، العلاج لا يكون بالإنقلاب على ما اتفقنا عليه في وثيقة الاتفاق الوطني، بل يكون بتطبيق بنودها وهذا يحتاج الى تفاهم أوسع والى التزام وليس مجرد وجهة نظر، وثيقة الوفاق الوطني جاءت بعد معاناة وحوار وحروب، وكما قرأت بالأمس في بيان لجنة المتابعة لمقررات الفاتيكان والأزهر إن هذه الوثيقة لم تأت عبثا بل جاءت بعد معاناة ومآس وبعد صدامات وحوارات حياة وحوارات وطنية معمقة، فيجب أن تطبق قبل أن نفكر بالفدرلة والتقسيم على أساس ولاءات طائفية وخارجية”.
وأوضح ابي المنى أنّ “الارتهان للخارج هو أمر ربما يكون ظرفيا، لا اعتقد أن الفدرالية في لبنان قابلة للحياة، هذا أمر سياسي، ووثيقة الطائف قالت باللامركزية الادارية، فلتكن هناك إعادة تكوين للمحافظات ولهذا التقسيم الاداري تخفف مشكلة الأعباء والمعاناة عن الناس، هناك خدمات اجتماعية تقوم في كل طائفة وأصبحت الطوائف تتحمل المسؤولية، ومعظم اللبنانيين متمسكون بالطائف وبالوفاق الوطني وبالدولة- هذا ما نسمعه – اما اذا كان هناك من يفكر بالانقلاب على هذا الواقع، ومن جهات معينة تغذي هذا الانقلاب والخروج عن الطائف والتفاهم، فهذا ما نخشاه، ولا أريد هنا أن اتهم احدا ولا أرى أن هناك من يفكر بإقامة دولته الخاصة.
الطائف لم ينته، ويحتاج إلى تطبيق والى ارادة قوية وربما الى محاسبة لكي ننهض بالدولة بدل ضرب الطائف وبدل تغيير النظام وبدل الفدرلة”.
وردا على سؤال حول موقفه الاخير في موضوع رئاسة الأركان، قال: “هناك شعور لدى الموحدين بانتقاص حقوقهم، هل الأمر واقعي او في سياق افراغ المؤسسات؟ المهم بان الدستور واضح بمن المخول ان يحل مكان غياب قائد الجيش في حال غيابه، اي رئيس الاركان، وليس كما قال احدهم يكون الاكبر سنا او رتبة، هذا مخالف للدستور وهو يرى الامر من زاويته الخاصة، وحبذا لو يتم الغاء الطائفية السياسية في الوظائف”.
وأشار ابي المنى إلى أنّ “الحرائق المستعرة في بعض الاحراج الطبيعية موجودة ايضا في مؤسسات الدولة على نحو آخر اذا لم نكافحها جميعها تودي بجميع اللبنانيين وليس فريقا او طائفة دون الاخرى، علينا ان نصغي الى صوت العقل والحكمة ونطفئ الحرائق المشتعلة وعدم اهمال تراكم المشكلات”.
ولفت إلى أنه “بالنسبة الى الحوادث الأمنية المؤسفة التي وقعت في أماكن معينة وتترجم طائفيا، المشكلة انه دائما لا تعالج الأمور بل نتركها نائمة فتستفيق في لحظة معينة سببها غياب الدولة، من ترسيم الحدود الى غيرها، وهناك تأجيل دائم ونترك المشكلة دائمة ونترك الجمر تحت الرماد”.
Related Posts