المفتي قبلان: المقاومة لا تمزح

ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان خطبة الجمعة في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة وجه من خلالها رسالة الى حجيج الله وضيوفه الذين يجتمعون في أهم بقاع الله، وبين يدي نسكه، قال فيها: “إن الحج مقصد لله، واجتماع أممي معمد بما وراء الأرض، ونسك أبدي، يؤكد وحدة الإسلام والمسلمين، ويحسم قضية الاطار الذي يدير مصالح المسلمين، وفق مبدأ “أنما إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه واستغفروه وويل للمشركين”، ويؤسس للرابط النهائي بين المسلمين على قاعدة: “واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا”، ومعه يصبح الحج ملاذا للوحدة، وعنوانا للاتحاد، وهوية خالدة لحقيقة الانتماء المحمدي، وما يضغط باتجاه الأنظمة السياسية لتكون بمقدار وحدة المرجعية التي يمثلها بيت الله وكعبته، وفقا لدين الله ودين نبيه، وهذا يعني أن الخصومة أو القطيعة السياسية التي تتعارض مع مبدأ “الوحدة بالله” حرام، وهو ما يضع الدول الإسلامية تحت المجهر، لأن الشعوب الإسلامية تتوق الى الوحدة، وتتلهف اليه الاتحاد”. 

 

وأضاف: “لأننا في موسم الحج، ولأن الله تعالى يقول: “ولله على الناس حج البيت”، فإنني أقول للدول الإسلامية: أي تحالف أو تبعية أو شراكة إذعانية أمنية أو غيرها، تصب في مصلحة القوى الظالمة والكيانات الجائرة، سواء أكانت دولية أم إقليمية هي حرام، لأنها بمثابة المواجهة مع الله، وخصوصا الولاء لواشنطن التي تشكل أكبر كيانات إبليس على الأرض، أو التطبيع مع الكيان الصهيوني الذي يشكل أخطر كيانات ابليس الإقليمية. وخيارنا الأبدي الوحدة والانتماء لدين الله، والتأسيس لمشروع الوحدة العالمية، والتضامن الشامل، وهنا أقول لبعض الدول العربية والإسلامية: إن أي شراكة أمنية أو عسكرية او سياسية أو اقتصادية مع تل أبيب هي تضييع لطريق الله، وخصومة مباشرة مع مواثيقه التي نزلت في مكة والمدينة، وهي خيانة لفلسطين والقدس، بالمقابل إن أي اتفاق كبير بين طهران والرياض هو حماية للمنطقة، وتبريد للوضع الإقليمي، وخطوة قوية باتجاه حماية الروابط الإسلامية، وبداية قوية للتأسيس في وجه واشنطن وتل أبيب، لأن الانتماء الى الله يمر بالوحدة في ما بيننا، ولا يمر أبدا بالولاء لواشنطن وتل أبيب”. 

 

وتابع: “تذكروا، أيها المسلمون، التجربة التاريخية والإطار المفاهيمي للبعثة النبوية، لأنها قامت على الانتماء الى الله، والوحدة الشاملة، والتضامن الكامل بين أهل الإسلام، وكان شعار حجهم آنذاك: لبيك اللهم لبيك، ضبطا على وحدتهم في الله، ونبذهم للشياطين والاوثان، وخصوصا شياطين الانس، ومشاريع فسادهم وولاءاتهم الباطلة، ومن يستبدل بالله ونبيه فقد خسر خسرانا مبينا. 

فحج مبرور وسعي مشكور، والعهد كل عام مطاف الله حول كعبته الموصولة بمواثيق السماء، ونبذ كل ما يحول دون وصلنا الابدي مع الله العظيم”. 

 

وقال: “إننا نعيش دوامة مشروع هدفه إذلال البلد، معيشيا وماليا، وسط حصار دولي إقليمي، يصر على تفكيك قوة لبنان، لذلك المطلوب توفير اتفاق سياسي متماسك لتأليف حكومة قرار وطني، بعيدا من زواريب الثأر السياسي، ولعبة الحصص والتبعيات المجنونة، لأن مزيدا من الاشتباك السياسي يعني إجهاض محاولات تشكيل حكومة قوية، وهنا أتوجه بالقول للقوى السياسية: تصالحوا مع الشعب، ولا تخونوا من أئتمنكم على مصيره، فمصير بلدنا في فم التنين، وللمرة الالف نؤكد أن الدولة القوية والعادلة ضرورة ماسة لوجود لبنان، فالدولة كمؤسسة وطنية مهددة جدا، ووجود لبنان على المحك، فسارعوا الى انقاذ سياسي، لأن كل مصائب هذا البلد من فساد السياسة، ولا حل للكارثة التي تعصف بالبلد من دون تضامن سياسي كبير، من هنا يجب التعويل على الحلول المتفرقة، والخيارات المتوازية، وما تستطيعه السلطة الآن يكمن بحماية السوق وتنظيم النزوح، ولبننة فرصة العمل”. 

 

وطالب بـ”فرض رسوم وضرائب تصاعدية على قطاعات الرفاهية الكبيرة، تطبيقا لمشروع التضامن الوطني، وهذا الامر ضروري جدا، لأن من يفيد أكثر عليه أن يدفع أكثر، واليوم البلد ميدان معارك استنزافية، يقودها كبار التجار بضراوة، على رغم الاهوال التي تحيط بمصير لبنان”. 

 

وأكد أن “لا بد من إنقاذ البلد، فالوقت ضيق، وحل أزمة لبنان يحتاج فقط الى قرار سيادي، وخيارات صحيحة، وبعيدا عن لعبة البوالين السياسية، يجب حسم قضية الغاز اللبناني سريعا، فالاميركي وسيط غير نزيه، والتنازل السياسي ممنوع، وإنقاذ لبنان يبدأ من البحر، وما فعلته المقاومة عبر المسيرات ليس استعراضيا، بل هو فعل قوة وطنية تعرف ماذا تفعل، وحين تكون مصلحة لبنان مهددة ستقوم المقاومة بكل ما يحمي لبنان وثرواته، والإسرائيلي يعلم جيدا أن المقاومة بالحسابات الوطنية الكبيرة لا تمزح أبدا”. 

 

وتوجه الى القوى السياسية بالقول: “المصارف اللبنانية بمثابة مصاصي دماء، والإنقاذ الجذري يمر بإصلاح النظام المصرفي والنقدي ومالية الدولة، وبحماية الأسواق من سفاحي المال والسلع والأسواق. ولمن يعنيه الأمر عليه أن يفهم أن بنية لبنان التحتية على وشك الانفجار، ولن نقبل بلعبة قمار سياسية، والحذر واجب جدا جدا حين نتحدث عن حماية لبنان”. 

 

خطبة الأضحى

من جهة ثانية، يلقي المفتي قبلان خطبة عيد الأضحى المبارك لهذا العام بعد تأدية صلاة العيد في مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة،  في  الساعة السابعة صباح  الأحد 10/07/2022، أعاده الله على المسلمين جميعا بالصحة والعافية وعلى اللبنانيين بالأمن والأمان. 


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal