ليس من قبيل الصدفة، ان تتخذ معركة المقعد الماروني في طرابلس رمزية ملفتة طالما ان ابعادها تتجاوز ما يسمى منطق الآقليات في دائرة الشمال الثانية (طرابلس، المنية، الضنية) لتصبح ام المعارك كونها ترمز لهوية طرابلس السياسية من ناحية ولتغيير ثوابت من تاريخ المدينة من الناحية الثانية.
بهذا المعنى، تُلقي المعركة الانتخابية اثقالا على اكتاف سليمان جان عبيد، ليس لكونه مرشحا عن مقعد لطالما تعاملت معه أطراف سياسية كجائزة ترضية، بل لأنه يخوض معركة الدفاع عن هوية طرابلس السياسية.
لذلك، فإن القوات اللبنانية تخوض معركة شرسة لنيل الحاصل عبر تحالفها الانتخابي مع اللواء اشرف ريفي لتدعي فوزها بالاعتراف السياسي اولا، ومن ثم كي تحقق اختراقا تتجاوز مفاعيله البعد الانتخابي الطبيعي، خصوصا أن المسألة تتجاوز كسب “مقعد دون ناخبين” كما يحلو للبعض التعامل مع المقعد الماروني في طرابلس.
تهدف القوات اللبنانية من خلال هذا التحالف الى نيل حاصل إنتخابي وتجييره الى مرشحها إيلي خوري، بمعزل عن اللواء ريفي وسائر أعضاء اللائحة، الأمر الذي يثير حفيظة بعض المرشحين على اللائحة، خصوصا أن القوات تركز عبر حملة ممنهجة لاستقطاب الناخبين في طرابلس وسط مؤشرات عن اغرائهم بالخدمات والمال، إنطلاقا من قناعة لديها بأن النهج الطرابلسي لا يسمح بالتصويت لقواتي.
لا شك في أن سليمان عبيد يقف في الموقع المناقض تماما، كونه ابن الراحل جان عبيد الذي يجسد الوجدان المسيحي الممتد من شواطئ ميناء طرابلس حتى أعالي جبال الضنية، وينتسب إلى عائلة لا تبغي الحصول على المناصب مجندة لخدمة ابناء طرابلس من السيدة “لبنى” صاحبة الأيادي البيضاء منذ أواخر القرن الماضي، حتى “هالة” الحالة التطوعية الاستثنائية والفريدة، وسائر الأشقاء الذين لديهم تماهي مع كثير من أبناء المدينة.
جان عبيد، كان من قماشة سياسية نادرة، فهو قيمة وطنية وفخامة المرشح لرئاسة الجمهورية الذي كان يقارع قوى إقليمية ودولية تتجاوز حدود لبنان بمفرده، ولا يشك أحد بتجنيد علاقاته التي لا يعرف لها حدود في خدمة طرابلس وأهلها، ولا يمكن لمطلق فريق سياسي ان يتجاوز هذا التاريخ وهذا الإرث مهما استعمل من نفوذ او عمد إلى صرف أموال ووعد بخدمات.
يمكن القول، إن حجم الامال الملقاة على اكتاف سليمان عبيد كبيرة جدا، والمهمة التي يقوم بها شاقة للغاية لناحية التصدي لمصادرة ارادة طرابلس، لكن في نفس الوقت فهو يمتلك من الاحتضان الشعبي والعطف الطرابلسي، وهو شاب طموح قادر على خدمة طرابلس وعلى المواجهة السياسية في إبقاء المقعد الماروني لأهله، من دون التشكيك بكونه ينبثق من حالة سياسية متجذرة وقيم أخلاقية شهابية قوامها تدعيم ركائز دولة القانون والمؤسسات.