صدر مؤخرا كتاب تحية عن رسام الكاريكاتور، ابن المينا ،حبيب حداد بحلة جميلة وخاصة طباعيا بإشراف وتقديم ” كميل حوا ” والناشر ” طش فش مع مكتبة أنطوان ” وبالإشارة الى كلمة الناشر فمؤسسيها اختاروا ان تكون من ضمن نشاط أكبر وجمعية تنشر الكتاب وهي جمعية لا تبتغي الربح وتسميتها ” جمعية معتز ورادا الصواف ” التي تقدم ايضا جوائز سنوية لرسامي كاريكاتور باسم “محمود كحيل ” وهو اسلوب لتكريم كحيل سنويا في احتفالية تقام في الجامعة الاميركية في بيروت وللجمعية نشاطات مختلفة دخلت مؤخرا في مجال النشر لكتب مخصصة للكاريكاتور.
يعرف معتز الصواف في كلمة الناشر عن الهدف من الكتاب حول حبيب حداد باعتباره: “كتحية وعربون وفاء وتقديرا لتجربة فذة تستحق رسومها ان تكون في متناول عشاق هذا الفن وعلى رفوف المكتبات العربية في كل مكان.”
اما عن مضمون الكتاب فهو يتألف من قسمان رئيسيان الأول يحكي السيرة ،وحبيب ابن الاسكلة اي المينا بعدان تبدل الاسم، وانتقاله في الاماكن حيث اخذته الاعمال التي مارسها من المينا الى بيروت وصولا الى باريس ،ويظهر انها سيرة من كتابة فريق عمل مكون من فيديل سبيتي و محمد برده وهو الفريق الذي اهتم بالبحث وإجراء المقابلات.
بعد السيرة ترد الشهادات التي تكملها وتتحدث عن التطور المهني وعن تنقل حبيب من مؤسسة صحفية الى اخرى وكتاب الشهادات هم سمير عطالله، جو زابو، محمد علي فرحات، الياس ديب، علي هندلاوي، جان رطل، إسكندر الديك، نسيم خوري، سعد حاجو، جورج خوري ( جاد ). فهذا ليس كتابا ، كما يقول الناشر، الفه مؤلف واحد، بل جمع من الاقلام التي تقدم حبيب حداد بأمانة وصدق وشمولية قد لا يضاهيها كتاب خط بقلم واحد.
وليخرج هذا الكتاب بشكله النهائي استدعى مجموعة كبيرة من المهتمين بالعديد من المهمات من التصاميم وادارة ومتابعة والتحرير. لكن القسم الثاني من الكتاب فإنه يتكون من رسومات حبيب التي تم وضعها تحت العناوين التالية مسيرة صحف ومجلات: النداء، الأنباء، المستقبل، ياسمين، شمال جنوب، المحرر، الحياة، وشخصيات ابتكرها منه شيبوب. وينتقل من بعدها الى اعمال مبوبة بحسب الموضوعات التي تم اختيار العناوين الكبرى التي عمل عليها حبيب حداد خلال مسيرته في رسم أعمل سياسية متعلقة بهذه العناوين وهي: لبنان، فلسطين، الشرق الاوسط، الربيع العربي، أوروبا، أميركا، حرية التعبير، الاقتصاد، المناخ، رسومات اخرى، وملصقات المهرجانات التي شارك فيها او رسمها. وقد تم تعريف كل مجموعة من هذه الصور بما يتناسب مع موضوعاتها بتكثيف ووضوح حول كيفية كان يتعامل بها الرسام الكاريكاتوري حبيب حداد.
كما يلاحظ متصفح الكتاب ان المكرم حداد انتقل في رسوماته من موضوع الى آخر كما انه بدل في اماكن عمله بين العديد من المؤسسات الاعلامية من الجرائد والمجلات العربية كما اغرت رسومه صحفا عالمية وهي كلها مشهورة ومتنوعة المشارب من “الوموند” الى “الكوريه انترناسيونال” وريدرز دايجست” ( المختار ) وغيرها حيث انه وصل في نهاية المطاف الى باريس واستقر فيها ونشأت بسبب ذلك علاقته بهذه المؤسسات الإعلامية. وهو الى ذلك اصدر البومين لرسومه من الكاريكاتورية، الأول بعنوان “الاحداث بالكاريكاتور” عام1979 والثاني بعنوان “حداد كارتون” سنة 1989، كما شارك في العديد من المهرجانات وهي بالعشرات وحصل على 16 جائزة ، جائزة الكاريكاتور للصحافة ولجنة التحكيم في مدينة ابينال الفرنسية في العام1991 ، وجائزة مدينة روان 1999، وجائزة الجمهور في مهرجان كاستل نوداري 1999وجائزة الجمهور في مدينة لوفيير الفرنسية 2001وجائزة الصحافة العربية لفئة الكاريكاتور من دبي 2001 وجائزة الجمهور في سان جوست 2001 والجائزة الاولى لمعرض الافواه الضاحكة في باريس 2004 الى ثلاث جوائز اولى لقلم الشمال الفرنسي في مدينة توركوان لأعوام 2005، 2007 ،2008 على التوالي اضافة الى الجائزة الكبرى في المهرجان العالمي لسان جوست لو مارتل ـ فرنسا 2011.
يتحدث سمير عطالله عنه في واحدة من الشهادات الواردة في الكتاب:” كتبت مرة ان رسمه يزن الف مقال ،وبعدها راجعت نفسي : تراني كنت ابالغ في اعجابي؟ انني ازداد إعجابا كل يوم. وعندما ارى رسومه منقولة في صحف الغرب الكبرى، وخصوصا ال”كورييه انترناسيونال”، اعرف ان حبيب يبهر العقل الغربي ايضا. وقد اصبحت ال”كورييه” تدمنه، مثلنا ، واكثر”.
كما يورد اسكندر الديك ، الذي حكى عن بدايات تقديمه لجريدة النداء كرسام كاريكاتور يقدم رسمه بشكل يومي، وقال عنه في شهادته :” اقام حبيب معارض عديدة لرسومه الكاريكاتورية عكس فيها باستمرار معاناة لبنان واللبنانيين والعالم العربي، وبصورة خاصة معاناة الشعب الفلسطيني والشعوب المغلوبة على امرها. وكان يضع في كل رسم له تقريبا اصبعه على الجرح ،يفضح النواقص، يحدد نقاط الضعف أو يشير الى الاتجاهات الرحبة والأفضل”.
اما الشهادات الاخرى ،التي سبق واوردنا اسماء كتابها، فكان لها العناوين التالية : ” لا حلول وسطى ، للرصانة فنها اللطيف، كاريكاتور بلا عنوان، آخر العنقود في جيل عمالقة الكاريكاتور العربي، الرسم “المشرقط” ، رؤوس ورسوم، فصاحة الكاريكاتور، نحّات الفكرة ، الولد “المخربش” على جدران عقولنا.
تبقى الاشارة الى رسالة الشكر التي وصلت لحبيب من “كوفي عنان؟ الامين العام للأمم المتحدة والذي ضمنها اعجابه برسمة له ،وكانت رسالة الاعجاب واضحة من عنان بالرسام، وحيث كان الرد عليها عندما وصلته نسخة أصلية من الرسمة بريشة الرسام حبيب حداد معترفا له بأنه اضحكه وجعله يفكر في آن وهو يشاهدها.
كتاب خاص عن “حبيب حداد” وكما يظهر انه تكريمي ويحتفي ،من خلال حجمه وتوزع تبويبه، بربع صفحاته من الشهادات المكتوبة من عارفيه ويترك باقي الكتاب لرسومات حبيب بمراحلها المنسوبة الى مؤسسات عمل بها ومبوبة بحسب المواضيع التي سعى للتعبير عنها برسوماته . هذا الكتاب يحاول ان يقول هدف ناشريه بأسلوب جميل وبطريقة فيها الكثير من الاحترافية والدقة والجمالية الواضحة الامر النادر ان نرى هذا المستوى من الجمع بين اسلوب الشكل و تنوع المضمون الذي يعلي من شان فن الكاريكاتور الذي يقدمه حبيب حداد، مع العلم انه على ما يبدو ان الدار الناشرة ومن ورائها من جمعية تتخصص بنشر هذا النوع من الفن وتسعى لتعميم نشره ،ومن كلامهم ،يسعون ان ينتشر على رفوف اكبر عدد من المكتبات في البلدان العربية وجميل ان تكون من بين الكتب واحد للحبيب حداد. مبروك.
Related Posts