يَجهد فقراء طرابلس والمناطق المحيطة بها في إيجاد أماكن آمنة لممارسة هواية السباحة، بعدما باتت معظم الشواطىء تحت سيطرة أصحاب المنتجعات الخاصّة، التي تحتاج إلى دفع تكاليف مالية تفوق قدرة أصحاب الدخل المحدود، في حين تقف الجهات المعنية موقف المتفرّج على المواطنين الذين يضطرون للجوء الى الشواطىء الممتدة من طرابلس وصولًا الى القلمون، علّهم بذلك يجدون مكانًا لأولادهم لممارسة السباحة رغم ما يعتري ذلك من مخاطر.
لا يُمكن إخفاء أنّ لجوء كثير من العائلات إلى هذه الشواطئ، يُعرّضها لجملة من المخاطر الصحية، فبالإضافة إلى كونها شواطىء غير رملية وتنتشر فيها الصخور، فإنّ الخطر الأكبر يكْمن في حجم التلوّث الموجود فيها، نتيجة مياه المجارير التي تصب في تلك الأماكن، لا سيما في المسبح الشعبي ″المفترض″ في الميناء، ما يُعرّض حياة وصحّة هذه العائلات لأمراض خطيرة عدّة، نتيجة هذا التلوّث سواء أكان هذا التلوّث جرثوميًا بالأحياء المجهرية، أو كيمائيًا بوجود نسبة عالية من المواد الصلبة، كالكلور، المانغيزيوم، وحامض الكبريت، إضافة إلى التلوّث النّاتج عن المعادن الثقيلة كالنّحاس، الرصاص والزئبق… وغيرها من الملوّثات التي كان عليها أنْ تقف عائقًا أمام أهالي المدينة في الكارثة البيئية التي يُواجهونها.
من جهة أخرى، يُواجه كلّ من يرتاد هذه الشواطئ مخاطر الغرق وغيرها من المخاطر نظرًا لكون هذه الشواطئ غير آمنة ولا تتمّ مراقبتها، ما يجعلها أمكنة خطيرة جدًا لكونها في مساحة كبيرة ومفتوحة.
ولم تعدْ النداءات التي يُطلقها أهالي المدينة وفعالياتها المختلفة من جمعيات كشفية وشبابية ومؤسسات بضرورة الحفاظ على نظافة هذه الشواطئ مع الحملات المتنوّعة التي يتمّ إطلاقها خلال السنوات الماضية، بمُجدية أمام المسؤولين في المدينة الذين كان يتوقّع منهم الأهالي تنفيذ مشاريع حيوية لتحوّل هذه المساحة الممتدّة حوالي الخمس كيلومترات إلى مسبح شعبيّ، يبقى ملاذًا آمنًا لكلّ من يرتاده.
يُذكر أنّ مشروع الصرف الصحي في الميناء بدأ العمل عليه، وهو يحتاج إلى بعض الوقت كيّ يُنتهى منه، ويتمّ ربط شبكة مياه الصرف الصحي بمحطة التكرير في مصب نهر أبو علي، لكن ذلك لا يمنع الأهالي من ممارسة السباحة رغم علمهم المسبق بتلوّث المياه، وذلك لعدم وجود بدائل أمامهم، حيث تنتشر العائلات على طول الكورنيش وعلى الصخور المنتشرة من طرابلس إلى القلمون.