يستغرب كثيرون التخويف المتمادي للرئيس سعد الحريري للناخبين من عودة الوصاية السورية الى لبنان، وتأكيده في كل مرة أن كل صوت لا يعطيه الناخبون الى ″اللوائح الزرقاء″ يتحول تلقائيا الى لوائح ″حزب الله″ و″النظام السوري″، في الوقت الذي تضم فيه لوائح الحريري ودائع سورية وأخرى لـ″حزب الله″، كان تلفزيون المستقبل حتى الأمس القريب يصفهم برجال المخابرات السورية والحرس الثوري الايراني.
بات معروفا بحسب تصنيف وسائل الاعلام المختلفة أن المرشحين محمد القرعاوي (البقاع الغربي) ووليد البعريني ومحمد سليمان (عكار) إضافة الى زميلهم طارق المرعبي نجل النائب السابق طلال المرعبي، هم من ودائع قوى 8 آذار، وأن أحدا لا يعرف كيف إختارهم الحريري، ولماذا؟ وما هو الهدف من تسميتهم وتجاهل شخصيات سنية كثيرة كانت وما تزال في صلب ″تيار المستقبل″ وقوى 14 آذار، ما يطرح تساؤلات عدة، لجهة:
هل إختار الحريري هؤلاء المرشحين إرضاء لـ″حزب الله″ الذي يتعاون معه في الحكومة، ويتحالف مع شريكه الأساسي في الحكم ″التيار الوطني الحر″، وذلك لضمان عودته بعد الانتخابات الى الكرسي الثالثة مهما كانت نتائجها؟، أم أن هذا الاختيار يهدف الى تخفيف التشنج مع النظام السوري، بما يفتح الباب واسعا أمام الحريري بعد الانتخابات للحصول على مشاريع إعادة الاعمار في سوريا لتعويض ما فاته في السعودية، وإستبدال ″سعودي أوجيه″، بـ″سوري أوجيه″؟، أم أن الحريري ونتيجة شعوره بالضعف وتراجع شعبيته أراد أن يستقطب مرشحين من 8 آذار على حساب المرشحين المنتمين الى “المستقبل” للاستفادة من أصوات مناصريهم؟.
ثم بعد ذلك، كيف يستطيع الحريري أن يجمع بين مواجهة ″حزب الله″ والنظام السوري والهجوم عليهما في كل خطاباته، وبين ترشيح أشخاص كانوا حتى الأمس القريب محسوبين عليهما في لوائحه؟، وكيف سيقنع ″زعيم المستقبل″ شارعه بالتصويت لأشخاص كانت وسائل الاعلام التابعة له تضعهم في خانة المعادين لثورة الأرز؟، وكيف للحريري أن يصف اللوائح المنافسة بأنها لوائح الوصاية وحزب الله، وهو يضم في لوائح ″الخرزة الزرقاء″ أشخاصا من خط الوصاية والحزب؟.
يربط كثير من المتابعين بين إختيار الحريري مرشحين من خط 8 آذار، وبين تصريحات سابقة لعدد من قياديي حزب الله الذين كانوا يشيدون بآداء رئيس الحكومة وبالتعاون معه، وبين ما قاله أحد أقرب المقربين من ″حزب الله″ الاعلامي سالم زهران، في برنامج ″نهاركم سعيد″ قبل عدة أشهر، بأن ″تحالفات ″حزب الله″ في الاستحقاق الانتخابي ستتغير وسيدعم الرئيس سعد الحريري، وبالنسبة لخطنا السياسي ألف سعد حريري ولا نجيب ميقاتي واحد″، في إشارة الى أن ميقاتي كان عصيا على التطويع مع ″حزب الله″، بينما كان الحريري أكثر ليونة الى درجة إتهامه من قبل خصومه السنة وفي مقدمتهم اللواء أشرف ريفي، بأنه قدم تنازلات سياسية وتخلى عن الثوابت والمبادئ.
من هنا لم يستغرب المراقبون ما تم التداول به في بعض وسائل الاعلام أمس، بأن “الرئيس الحريري ومدير مكتبه نادر الحريري، تلقيا رسالة إستياء قوية من ″حزب الله″ على المواقف التي يصدرها ″تيار المستقبل″ تجاه الحزب في الاسابيع الأخيرة″، الأمر الذي فسره البعض بأن ″حزب الله″ ربما يكون توافق مع الحريري على فترة سماح وعلى سقف هجوم محدد، بهدف تمكينه من شد عصبه الانتخابي عشية الاستحقاق، لكن يبدو أن الحريري أخذه الحال بعيدا، فبالغ في الهجوم مع تياره على الحزب الذي إضطر الى رفع بطاقة صفراء في وجهه.