يرفع معظم اللبنانيين الصلوات ليل نهار لتحقيق امنياتهم بابتعاد السياسيين من كل الطوائف والمذاهب عن استغلال الموت والشهادة من أجل تحصيل مقعد انتخابي هنا او هناك، أو الحصول على دعم معنوي على الأقل، في تقليد بات من المبادئ بالنسبة لبعض المعنيين.
مناسبة هذا الكلام هو ما سمعه اللبنانيون مطلع هذا الاسبوع من أمين عام “تيار المستقبل” أحمد الحريري على هامش جولة انتخابية له في العاصمة بيروت حيث قال: “أننا خط سياسي دفع أغلى الدماء من أجل لبنان، وحمى أهله وناسه في أصعب الظروف، ولا يهمنا شيء، لا حرب ولا غيره، وسنخوض الانتخابات في كل الميادين، كي نثبت أن “تيار المستقبل” عابر للطوائف ومنتشر في كل المناطق”.
معظم المراقبين والمتابعين انتقدوا بشدة هذا التوجه في نبرة الكلام ومضامينه فرأوا أنه اذا كان هذا المنطق في مكانه الصحيح. فماذا يقول الآخرون وفق الترتيب الزمني لاستشهاد من أحبوا؟
ماذا يجب أن يقول آل سعد والتنظيم الشعبي الناصري عن استشهاد معروف سعد في 6/3/1975؟.
وماذا يجب أن يقول آل جنبلاط عن استشهاد زعيم الطائفة والحزب التقدمي الاشتراكي كمال جنبلاط في 16/3/1977؟.
وماذا يجب ان يقول تيار المرده وآل فرنجية عن الشهداء الذين سقطوا في مجزرة اهدن ومن بينهم الوزير والنائب طوني سليمان فرنجيه وزوجته وابنته في 13/ 6/ 1978؟.
وماذا يجب أن يقول حزبا الكتائب والقوات اللبنانية عن شهدائهم ومنهم رئيس الجمهورية المنتخب بشير الجميل في 14/9 /1982؟.
وماذا يجب أن يقول آل كرامي وحزب التحرر العربي عن استشهاد رئيس الحكومة رشيد كرامي في 1/6/1987؟.
وماذا يقول آل خريش والبطريركية المارونية عن استشهاد المونسنيور البير خريش ودفنه في 4/5/1988؟.
وماذا يجب أن تقول الطائفة السنية عن استشهاد المفتي الشيخ حسن خالد في 16/5 /1989؟.
وماذا يجب أن يقول آل معوض ولاحقاً حركة الاستقلال عن استشهاد رئيس الجمهورية رينيه معوض في 22/11/1989؟.
وماذا يجب أن يقول آل شمعون وحزب الوطنيين الاحرار عن استشهاد رئيس الحزب داني شمعون في 21/10/1990؟.
وماذا يجب أن تقول المقاومة الاسلامية في لبنان عن شهدائها في وجه الاحتلال الاسرائيلي ولاسيما منهم هادي حسن نصرالله نجل الامين العام لحزب الله في 12/9/1997؟.
فيا ليتكم تدعوا الشهداء في عليائهم وتطرحوا امام المواطنين برامجكم الانتخابية التي تحاكي همومهم من الرعاية الصحية وصولاً الى النفايات. لأن الحرب المدمرة منذ العام 1975 والصراعات الطائفية والمذهبية والسياسية أدخلت الشهادة الى كل بيت لبناني، وبات كل اللبنانيين متساوون في هذه التراجيديا، وليس من المناسب ابداً ان يعمد أيٌ من الاطراف الى إثارة هذه المسائل كلما مرّ في ضائقة سياسية أو انتخابية. والاجدى أن يهتم “تيار المستقبل” وامثاله بهموم المواطنين علهم ينالون رضى المواطنين، اكثر من البكاء على الاطلال الذي استُهلك حتى الثمالة!.