فشلت القوات اللبنانية في تعطيل الجلسة التشريعية التي إلتأمت أمس بنصاب 75 نائبا وأقرت بنود جلسة أيلول وأقفلت المحضر لتصبح القوانين نافذة وقابلة للتطبيق.
لا شك في أن رئيس حزب القوات سمير جعجع قد دفع ثمن عمليات الإبتزاز والممارسات الإستفزازية التي لجأ إليها في يوم تغريداته الطويل، حيث حاول أن ينصّب نفسه مرشدا أو راعيا للنواب المسيحيين والسنّة على حد سواء، وأن يفرض الحرم على من يجرؤ على حضور الجلسة التشريعية، ضاربا بعرض الحائط التمنيات التي نقلها نائب رئيس المجلس إلياس أبو صعب عن رئيس الجمهورية جوزيف عون للنواب من أجل حضور الجلسة وإقرار المشاريع الوطنية التي تصب في خدمة الناس.
ومما زاد الطين بلة، إستخدام جعجع عبارات شكلت إساءة واضحة للنواب، بوصف من سيحضر الجلسة بـ”الشيطان الأخرس الساكت عن الحق”، وبتوصيف مجلس النواب بـ”المزرعة”، فضلا عن لغة التعالي التي إعتمدها في التغريدات، الأمر الذي أدى الى إنقلاب السحر على الساحر، والى ردات فعل غاضبة حملت النواب الى المشاركة في الجلسة التشريعية، فضلا عن تأكيد النواب السنّة على أن “أحدا لا يمكن أن يفرض عليهم أي موقف أو سلوك، أو أن يتحكم بهم”، الأمر الذي شكل صفعة موجعة للقوات وحلفائها الذين يبدو أنهم أخطئوا في الحسابات وفي وزن الأمور، وبالغوا في قدرتهم على تأمين أكثرية يمكنها التحكم بمصير جلسات مجلس النواب.
ما حصل عشية الجلسة التشريعية من ضغط قواتي لمنع النواب من حضورها، أكد بما لا يقبل الشك أن رئيس حزب القوات سمير جعجع كان يهدف الى أن تطال سهامه الرؤساء الثلاثة جوزيف عون ونبيه بري ونواف سلام، وذلك لجهة إضعاف الأول بعدم إستجابة النواب لتمنياته بحضور الجلسة، وإستهداف الثاني وإتهامه بأنه يأخذ المجلس رهينة أو يحوله الى مزرعة، وضرب الثالث بتعطيل إقرار مشاريع القوانين المرسلة من الحكومة التي تواجه الإتهامات بالفشل في معالجة القضايا الحياتية والمعيشية والوطنية.
وبذلك، تكون سهام القوات قد أخطأت الرؤساء، وبما أن جعجع لا يستطيع الهجوم على الموقع الماروني الأول ولا يمتلك الوسائل لذلك، وبما أنه يخشى في حال الهجوم على رئيس الحكومة أن يُغضب بعض الرعاة الإقليميين، فقد حرص على تركيز هجومه على الرئيس بري أولا من الناحية الرسمية لما يشكله من موقع دستوري، وثانيا كونه جزءا من الثنائي الشيعي الى جانب حزب الله الذي يقود جعجع حربا موازية للحرب الاسرائيلية ضده.
تشير مصادر سياسية مواكبة الى أن “مجلس النواب أكد بالأمس أنه سيد نفسه، وهو أقر المشاريع الوطنية المتعلقة بقضايا وحاجات المواطنين، فضلا عن القروض المهددة بالسقوط في حال تأخر إقرارها وتتعلق بعدد من مشاريع البنى التحتية لما دمره العدو الاسرائيلي بما في ذلك مياه بيروت، إضافة الى مشروع إستقلالية القضاء الذي خضع لبعض التعديلات من قبل رئيس الجمهورية”.
وتضيف المصادر: “هذه المشاريع تدحض المنطق القواتي الذي تحدث عنه النائب جورج عدوان الذي حاول ممارسة “الهضمنة” لإخفاء الغضب الذي يتملكه من إكتمال نصاب الجلسة، لجهة أن القوات تمارس حقها الدستوري، فأي دستور هذا الذي يعطل مصالح اللبنانيين، ويطالب بإدراج قانون إنتخابي ما يزال يحتاج للمرور على اللجنة الفرعية المكلفة دراسته مع القوانين الأخرى المقدمة من بعض الكتل النيابية ونواب مستقلين؟!…






