تأجيل تقني للإنتخابات يُمهّد لتأجيل طويل!!.. عبدالكافي الصمد

بين إعلان بعض القوى السّياسية عن تمسّكها بإجراء الإنتخابات النيابية في موعدها المرتقب في شهر أيّار العام المقبل، وعدم ممانعة بعضها الآخر عن تأجيل إجراء هذه الإنتخابات إلى حين التوافق على قانون إنتخابات جديد، خرجت أصوات لا تجد حرجاً في تأجيل “تقني” للإنتخابات، لأشهر معدودة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، إلى حين التوصل لتوافق سياسي ما يزال غائباً حول الإستحقاق الإنتخابي.

هذا التأجيل التقني الذي كان يجري الحديث عنه همساً بات علنياً، وهو صدر عن نائب رئيس مجلس النوّاب الياس بو صعب إثر لقائه رئيس الجمهورية جوزاف عون في مقرّ الرئاسة الأولى في قصر بعبدا، أول من أمس، ما أعطى تصريحاً من هذا النّوع أهمية مزدوجة، وفتح الباب أمام الكشف عن نقاش جدّي يدور على أعلى المستويات حول التأجيل.

هذا التأجيل التقني للإنتخابات يحتاج، برأي بو صعب، إلى “تفاهم سياسي إذا كان البعض ينقز من كلمة تسوية”، وفق قوله، وهو تفاهم يعني برأي نائب رئيس المجلس “فتح الباب بما يسمح بتمديد المهل وتحديداً مهلة تسجيل المغتربين أسماءهم للإفساح في المجال أمامهم للمشاركة في الإنتخابات”، سواء تقرر في نهاية المطاف تصويتهم لـ6 نوّاب مخصّصة لهم وفق القانون الحالي، أو اقتراعهم للنوّاب الـ128.

وعندما يسأل بو صعب: “ماذا يعني تمديد المهل من جديد؟”، يجيب بأنّ “ذلك يعني بأنّنا سنؤجّل الإنتخابات ولو تأجيلاً تقنياً”، لكنّ هذا التأجيل لن يكون برأيّه شهراً واحداً أو شهرين حتى شهر تمّوز كما يُروّج البعض، بل إنّ التأجيل حسب بو صعب سيكون لثلاثة أشهر، وأنّ “الأمور ذاهبة إلى شهر آب” يقول موضحاً، ومضيفاً أنّ “هناك مهلاً معينة علينا احترامها حتى يتمكّن وزير الداخلية من إنجاز التعديلات المطلوبة”.

غير أنّ هذا التمديد التقني يحتاج إلى “تفاهم” بين القوى السّياسية على اختلافها، ذلك أنّه في غياب التفاهم فإنّ انعقاد جلسة نيابية لإقرار أيّ تمديد، تقني أو غير ذلك، سيكون مهدّداً بعدم تأمين النصاب لها، كما حصل مع الجلسة التشريعية التي عقدت يوم أمس، بعدما كانت تأجلت مرتين بسبب تطيير نصاب المعترضين لها أواخر أيلول وتشرين الأوّل الماضيين، ما يعني إغراق البلد في أزمة سياسية جديدة، وفي وقت تقترب فيه المُهل الدستورية من النفاد.

ما سبق يعني أنّ الفترة الزمنية الممتدة من اليوم وحتى مطلع شهر شباط المقبل ستكون ضاغطة، لأنّه يفترض حينها أن يُوجّه وزير الداخلية الدعوة للهيئات الناخبة للمشاركة في الإنتخابات التي يفترض أن تجري مطلع أيّار المقبل (الدعوة وفق القانون يفترض أن تُوجّه قبل 90 يوماً من إجراء الإنتخابات)، أيّ أنّه ينبغي إلتئام المجلس النيابي خلال هذه الفترة الزمنية لإقرار أيّ تعديلات مطلوبة على قانون الإنتخابات.

لكنّ السّؤال الذي يطرح نفسه، هو: ما الذي يمنع بعد التوافق على تمديد تقني للإنتخابات التوافق على تمديد لفترة زمنية أطول قد تمتد سنة أو سنتين، وما الذي سيمنع إذا دخل النوّاب إلى قاعة المجلس كي يمدّدوا لأنفسهم تقنياً شهرين أو ثلاثة، ليخرجوا من الجلسة وقد مدّدوا لأنفسهم عاماً أو عامين؟.

 

 

 

Post Author: SafirAlChamal