لا يمكن إحياء يوم اللغة العربية من دون إستذكار الزميل الراحل بسام براك الذي صنع نكهة خاصة لهذه المناسبة، وهو إن غادرنا جسدا قبل فترة وجيزة، لكنه بقيَ نصاً وروحاً، وبقيَ صوتاً دافئا في ذاكرة الإملاء واللغة الأم.
لم يكن بسام براك مجرّد مشارك في يوم اللغة العربية، بل كان أحد صنّاعه الحقيقيين، وأحد الذين منحوه روحاً ومعنى.
ففي يوم الإملاء، الذي كانت تحييه جامعة الأنطونية بالتعاون مع المؤسسة اللبنانية للإرسال LBCI، ويتخذ في كل عام شعارا يضعه الزميل براك وينسج حوله أجمل العبارات، وتدأب جمعية سوشيل واي على مواكبته في طرابلس والشمال، كان شيخ اللغة العربية يحضر بروحه، بشخصيته، بمحبته ليؤكّد أن الإملاء ليست اختباراً جافاً للحروف، بل احتفالٌ بجمال اللغة وطاقاتها الإبداعية.
كان نصّ بسام براك مسموعاً قبل أن يُكتب، عذب الإيقاع، متين البناء، غنيّ الصور، يحترم القواعد العربية من دون أن يُثقِل عليها، ويُغري المشاركين بالإنصات قبل الكتابة.
نصوصه لم تكن أفخاخاً إملائية، بل جسوراً بين القاعدة والمتعة، بين الدقّة والدهشة، وبين اللغة بوصفها علماً واللغة بوصفها فناً.
تميّز بسام بقدرته النادرة على تطويع المفردة العربية في سياق حديث وحيوي، من دون أن يفقدها أصالتها. كان يكتب للإملاء كما يكتب للشغف، فيُشرك الطالب والمعلّم والمستمع في لحظة لغوية جامعة، تُعيد الاعتبار للغة العربية بوصفها لغة حياة لا لغة امتحان فقط.
في طرابلس، كانت جمعية سوشيل واي برئاسة السيدة وفا خوري ترافق يوم الإملاء بشكل سنوي وتنقل عذوبة نصوص بسام براك عبر شاشة التلفزيون الى المشاركين، وتخصص الجوائز القيمة للفائزين من طلاب الجامعات الذين كانوا يواجهون التحدي والمتعة اللغوية في آن معا، وكانوا يخضعون لإختبارات ذات مستويات عالية، ولن تتوانى جمعية سوشيل واي عن متابعة رسالة بسام براك حيث يٌفترض أن تطلق في العام المقبل يوم الإملاء في حلة جديدة بالتعاون مع عائلته ليكن محطة وفاء الى من ساهم في صناعة هذا اليوم على المستوى الوطني، هذا الوفاء الذي تجسد بزيارة قام بها وفد الجمعية الى دارة بسام براك لتكريمه بدرع تقديرا لمسيرته الإبداعية.
في يوم اللغة العربية، نحيّي بسام براك لا بدمعة، بل باستعادة أثره. نحيّيه لأنّه آمن بأن اللغة العربية تستحق أن تُقدَّم بحب، وبأن الإملاء يمكن أن يكون فعلاً ثقافياً راقياً، لا مجرد واجب مدرسي. نحيّيه لأن نصوصه كانت درساً في الجمال بقدر ما كانت درساً في الإملاء.
رحل بسام براك، لكن نصوصه باقية، تشهد له بأن من يخدم اللغة العربية بإخلاص، لا يغيب عنها أبداً..
بسام براك لك الحب ولك الرحمة ولك السلام منا ومن لغة السلام..
Related Posts
None found




