منذ أن أعلن وزير الدّاخلية والبلديات أحمد الحجّار، في 4 آذار الجاري، أنّ الإنتخابات البلديّة والإختياريّة ستجري في موعدها شهر أيّار المقبل، وأنّها ستجري على 4 مراحل ستكون أولاها في 4 أيّار المقبل، لم تتوقف التسريبات والمواقف المختلفة التي تشكّك في إجراء الإستحقاق المحلي في موعده، وإشارتها إلى احتمال تأجيل تقني للإنتخابات بضعة أشهر، على أن تجري في شهر أيلول المقبل.
ومع أنّ الحجّار ومقربين منه في الوزارة كانوا يردّون على هذه المواقف والتسريبات ويؤكّدون بأنّ الإنتخابات ستجري في موعدها، لكنّ عدم دعوة الحجّار الهيئات النّاخبة للإنتخابات المرتقبة تاركاً الأمور حتى آخر لحظة، والأيّام الأخيرة قبل بدء سريان مهلة توجيه الدعوة في 4 نيسان المقبل، أيّ بعد أسبوعين، حيث يصادف بعدهما وقوع عيد الفطر، جعل الشكوك تتزايد، وسط تساؤلات حول إذا كانت هناك “طبخة” جديدة تجري خلف الستار لإقرار قانون تمديد جديد للمجالس المحلية بعد 3 تمديدات متتالية لها منذالعام 2022.
فقد نقلت تسريبات عن رئيس الحكومة القاضي نوّاف سلام وفريقه أنّهم باتوا على قناعة أنّ الانتخابات البلدية لن تُجرى في المواعيد التي حدّدتها وزارة الداخلية، مبرّرين ذلك بتعقيدات لوجستية ومالية، إضافة إلى نقص العنصر البشري في الأجهزة الأمنية والإدارية، ما يجعل تنفيذ الاستحقاق في موعده أمراً غير ممكن. وذهبت هذه التسريبات إلى حدّ تأكيدها أنّ التوجّه الحالي لدى الحكومة يسير نحو تمديد تقني لعدة أشهر، على ألا يتجاوز شهر أيلول المقبل.
وبرّرت التسريبات إحتمال تأجيل إجراء الإنتخابات حتى أيلول وليس إلى العام المقبل، كون العام 2026 يصادف موعد إجراء الإنتخابات النيابية، ومن الصعوبة بمكان إجراء الإستحقاقين في وقت واحد، ما سيجعل الحكومة إذا اعتمدت التأجيل أمام خيارين: إمّا التمديد أشهراً حتى أيلول، أو التأجيل عامين حتى العام 2027!
غير أنّ ما لم يُعلن عن الأسباب الفعلية لاحتمال تأجيل الإنتخابات البلديّة والإختيارية تتمثل في خمس دوافع رئيسية، هي:
أولاً: عدم رغبة السلطة والأحزاب والقوى السّياسية في إجراء الإنتخابات المحلية ورغبتهم في إرجائها، كلّ لأسبابه ودوافعه ومصالحه الخاصّة.
ثانياً: التوتر الأمني جنوباً وبقاعاً ما يجعل إجراء الإنتخابات متعذّراً في عدد كبير من البلديات بسبب نزوح أهاليها منها.
ثالثاً: دفع التوتر الأمني جنوباً وبقاعاً، وفي مناطق مختلفة ومتنقلة في الداخل، في انتشار آلاف العناصر العسكرية والأمنية في تلك المناطق، وعليه فإنّه من المتعذر أن يتم سحب هؤلاء العناصر للحفاظ على سير العملية الإنتخابية.
رابعاً: عدم وجود رعاية سياسية للحفاظ على عُرف المناصفة في بلدية بيروت بين المسلمين والمسيحيين، ما جعل أطرافاً عدّة، سياسية ودينية، ترغب بتأجيل الإنتخابات إلى حين التوصّل لتوافق ما يُثبّت المناصفة، أو إقرار قانون إنتخابي جديد يلحظ ذلك.
خامساً: كشفت معلومات أنّ الولايات المتحدة وحلفائها قد أبدوا رغبتهم في إجراء الإنتخابات في موعدها، وشدّدوا على ذلك، آملين أن تكشف الإنتخابات أزمة حزب الله وحلفائه في شوارعهم وضمن بيئاتهم الحاضنة، ويبدو أنّ هذه الرغبة لا تجد لها أرضاً خصبة في هذه البيئات، إنّما العكس هو الصحيح، ما سيجعل الولايات المتحدة وحلفائها لا يمانعون تأجيل الإستحقاق المحلي بانتظار ظروف أفضل لهم.
Related Posts