كشف ناشطون سوريون عن معطيات مروعة وتصفيات ميدانية ومجازر ارتكبت في حق أشخاص يعرفونهم في قرى الساحل السوري التي تشهد اشتباكات بين القوات الرسمية التابعة للسلطة الانتقالية وبين عناصر تابعة ل”فلول النظام” السابق.
ويستند الخبر السوري الميداني في حيّز أساسي على ما يصدره “المرصد السوري لحقوق الانسان” وشبكات حقوقية سورية أخرى ووكالة سانا الرسمية وتدوينات الناشطين وشهاداتهم، مع صعوبة الوصول إلى القرى التي شهدت أو تشهد أحداثاً دامية.
وقد وثق المرصد مقتل أكثر من 300 مدني من الطائفة العلوية بعد شرارة الأحداث التي انطلقت مع انقضاض مجموعة مسلحة من “الفلول” على قوات تابعة لسلطة دمشق الجديدة ما أدى الى مقتل العشرات منهم.
كتبت على صفحة “فايسبوك”، هنادي زحلوط: “أنعي لكم اخواتي الثلاثة: المربي الفاضل أحمد زحلوط، المربي الفاضل عبد المحسن زحلوط، المشهود بأخلاقه علي زحلوط”.
فقدت هنادي ثلاثة أخوة في أحداث جبلة في ريف اللاذقية الجمعة. أخذت الفوضى عائلات وتطول لائحة العزاء، في حين أوضح الأمن السوري أن ما جرى ليس إلا ضبطاً للشارع حيث أقدمت مجموعات على إثارة الشغب والفوضى.
وطالبت هنادي “فقط بحماية حياة من تبقى من نساء وأطفال، أن نستطيع دفن موتانا”.
وأضافت: “العمر الك يا أمي، العمر الك يا أم الضيعة، العمر الك يا روحي انتي، العمر الك يا سوريا”.
ولا يفوتها السؤال: ” وينكن؟ما مات بريء بسوريا إلا وكنت ارفع اسمه وطالب بمحاسبة اللي قتلوه، شو ما كانت طائفته وشو ما كان القاتل، وينكن يا اخواتي السوريين؟ يلي كنتوا عيلتي الكبيرة؟”.
أشار الامن السوري في بيان الى أن ما حدث أمس الجمعة، في جبلة في ريف دمشق هو اعتقال مجموعة غير منضبطة عملت على السرقة وإحداث الفوضى، معلناً في بيان انتشاره في المناطق التي شهدت أمس مجازر وفوضى بغية “إعادة الاستقرار الى المدينة”.
واعتبر الكاتب ياسين الحاج صالح أن “هناك عنصر فلولي منظماً، مسلحاً جيداً، ومتمرساً هو السائد في المعركة الدائرة منذ البارحة في جبلة وحولها. وإما أنه ليس هناك عنصر شعبي أو هو متنح وثانوي”. وشدد على وجوب التمييز بين هذين العنصرين هو الأساس في كسب هذه المعركة، باتجاه تحطيم العنصر الفلولي، والاستجابة بعدالة واحترام لمطالب جمهور علوي متنوع في منطقة الساحل”.
من جهتها،الروائية سمر يزبك، وهي من أبناء الطائفة العلوية وتقيم خارج سوريا ومعروفة بمعارضتها الشرسة لنظام بشار الأسد، حوّلت صفحتها على فايسبوك إلى منصة نداء لإغاثة الأهالي والتبليغ عن حالات القتل.
في أحد منشوراتها، قالت: “واحدة من الأشياء اللي بتخليني أشعر بالعار، هني أهلي، تحملوا نتيجة مواقفي السياسية وانذلوا وانهانوا وتم نبذهم وطردوا من شغلهم، ووقفوا جنبي بكل شجاعة وكرامة، هم الآن محاصرون وناطرين مصيرهم المجهول، واتعرضوا لضرب دوشكا وأنا من مبارح ما نمت ناطرة معهم مصيرهم، كنت بتمنى لو كنت معهم، بشاركهم مصيرهم، كان أشرف الي ولغيري، تركتهم قبل أيام.
أنا وغيري من معارضين انتموا بالولادة للطائفة، نشعر بذنب كبير تجاه أهلنا. الآن أفكر بالسلامة لكل السوريين، كلّهم على اختلاف انتمائتهم. بقول لحالي بغصة كبيرة، سعرهم بسعر ولاد البلد، عاشت ثورتنا الموؤدة! والموت والقصاص للسفاح الأسد.
سامحيني يا ماما ويا أخواتي! أنا الجليلة في تغريبة الزير سالم”.
أما الناشطة ريما فليحان فكتبت: “حزينة أنا على من استشهد من المدنيين وعلى من استشهد من قوى الأمن ولا تعنيني طائفة الضحايا يهمني انهم بشر وسوريون
يتحمل وزر الجرائم المجرم نفسه وليس طائفته سواء كان من فلول النظام يحاول جر البلاد إلى مقتلة، أو من الأمن أو المجموعات غير المنضبطة وفق تصريح الحكومة، عناصر تقودهم الغرائز و سيجرون البلاد هم والفلول إلى حرب أهلية”.
وكتب سمير حيدر: “أهلنا السنه في بانياس خاطروا بحياتهم لإنقاذ عشرات العائلات من سكان حي القصور العلويين واستضافوهم في منازلهم وتم انقاذي بالدقائق الأخيرة.. لا شيء جديد على أهل هذه المدينة المنكوبة على يد مجرمي الأسدية البغيطه… كل الحب والتقدير لأهلنا في بانياس”.
وشارك العديد من الناشطين على مواقع التواصل البيان الآتي: “مواطنون من بانياس .لا للخطابات الطائفية. نحن مجموعة من الشباب السوريين, الذين ننتمي بالميلاد إلى الطائفة العلوية وحيث أننا نعلي انتماءنا إلى سوريا الحرة، سوريا المواطنة والعدالة, وحيث أنه صدرت عدّة بيانات ذات صبغة طائفية ومذهبية , وحيث أن هذه البيانات لا تعكس رؤانا وتطلعاتنا إلى سوريا المنشودة سوريا الوطن .
لذلك فإننا نؤكد على ما يلي:
* رفض كل الخطابات والبيانات ذات الطابع الديني أو المذهبي من أي جهة كانت.
* رفض لغة التهديد والوعيد والتأكيد على لغة الحوار تحت سقف الوطن.
* رفض العنف بكافة أشكاله أياً كان مصدره ورفض المظاهر المسلحة الغير منضبطة.
* التأكيد على تفعيل آليات العدالة الانتقالية لمعاقبة المجرمين بغض النظر عن انتماءاتهم .
* العمل على نشر الطمأنينة, ونشر ثقافة المحبة والتسامح والإخاء وقبول الآخر , والاستعانة بالسوريين الشرفاء في نشر الأمن والأمان” .
وامتلأت مواقع التواصل بصور الضحايا المدنيين، وبخطاب مرعب يعكس احتقان النفوس، مع هبة نخبة من المعارضين بتوجيه النداء الى الرئيس أحمد الشرع لوضع حد عملاني للتجاوزات الحاصلة، وهؤلاء أعلنوا رفضهم استحضار خطاب البراميل، فاذا كان بشار الأسد نفذ المجازر بالمدنيين من أهل السنة، لا يجوز التماهي مع أفعاله باستهداف العلويين المدنيين الأبرياء.
وكان الشرع قد أكد على مواصلة ملاحقة من وصفهم بفلول النظام الساقط وتقديمهم إلى محاكمات عادلة.
وقال في خطاب عقب الأحداث الأمنية التي تشهدها منطقة الساحل السوري، متوجهاً الى المسلحين من الفلول: “إنكم بفعلكم الشنيع بقتل من يحمي سوريا قد اعتديتم على كل السوريين وبهذا لقد اقترفتم ذنباً لا يغتفر وقد جاءكم الرد الذي لا صبر لكم عليه فبادروا إلى تسليم سلاحكم وأنفسكم“.
وأضاف الشرع: “لا نريد سفك دماء أحد”، داعياً “المعتدين” إلى تسليم سلاحهم وأنفسهم قبل فوات الأوان”، مؤكداً على محاسبة كل من يتجاوز على المدنيين العزل. وأضاف: “أهلنا في الساحل في مناطق الاشتباك جزء من مسؤوليتنا والواجب علينا حمايتهم“..
وأفادت الدفاع السورية: “شكلنا لجنة لرصد المخالفات وإحالة المتجاوزين لتعليمات القيادة للمحكم.. وإحالة كل من يتجاوز تعليمات القيادة إلى المحكمة العسكرية”.
وتجدر الإشارة إلى أنه في الوقت الذي تحاول سلطة الشرع تأكيد أن الضحايا جميعهم من العناصر السابقين للجيش السوري الحر ومن التابعين لنظام بشار الأسد، إلا أنا ما يتم نشره على مواقع التواصل الإجتماعي وعلى وسائل الإعلام وما يدلي به من شهادات حية أبناء المناطق التي تتعرض للهجوم المسلح أن العديد من الضحايا هم ليسوا من التابعين للنظام، ويتم ذبحهم وقتلهم بناءا على انتمائهم الديني.
Related Posts