أبصرت حكومة “الإنقاذ والإصلاح” النور، لكن تداعيات التأليف لم تنته بعد، خصوصا مع ظهور المحاصصة التي إعتمدت فيه، وأظهرها رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بعقد إجتماع علني لوزراء القوات وإعطائهم التوجيهات، وإعتراض رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل على ما أسماه الاستنسابيّة وعدم إحترام وحدة المعايير وإعلانه التوجه نحو المعارضة، فضلا عن الغضب السني على رئيس الحكومة نواف سلام بفعل تجاهله الكامل للكتل النيابية السنية وإحتكاره تمثيل الطائفة بشخصه في تصرف ما يزال يحتاج إلى مبررات.
وكان لافتا ما ذكرته وسائل إعلام يوم أمس، حول إعطاء الرئيس سلام توجيهات بسحب إشادة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون خلال جلسة الحكومة الأولى بالرئيس نجيب ميقاتي وبالجهود التي بذلها خلال توليه رئاسة الحكومة من البيان الرسمي الذي تلاه وزير الإعلام بول مرقص، حيث لم يصدر أي توضيح أو نفي لا من دوائر قصر بعبدا ولا من دوائر السراي الكبير حول هذا الأمر.
كل ذلك يدفع إلى التساؤل عن سبب التعاطي السلبي لسلام مع الطائفة السنية بدءا من مفتي الجمهورية الذي تأخر كثيرا في زيارته ولم يزره بعد تشكيل الحكومة كما يقتضي العرف المتبع، مرورا برؤساء الحكومات، وصولا إلى نواب الطائفة وخلفيات ذلك، وحصر تعاونه فقط مع الرئيس فؤاد السنيورة.
هذا السلوك الغريب من شأنه أن يجعل الرئيس سلام يفتقد إلى الغطاء السني، خصوصا أن الإنتقادات ما تزال توجه اليه من النواب السنة، بدءا من تكتل الاعتدال الوطني الذي إعتبر عبر النائب وليد البعريني أن سلام أقصى عكار وإستقوى على النواب السنة، إلى كتلة لبنان الجديد التي أكدت عبر النائب نبيل بدر أن رئيس الحكومة إحتكر التمثيل السني وتجاوز كتلا تضم ٢٣ نائبا سنيا من أصل ٢٧، في حين أنه لبى مطالب الكتل النيابية الأخرى فأعطى الثنائي الشيعي أربعة وزراء وطلب موافقته على الوزير الخامس، وكتلة الجمهورية القوية أربعة وزراء، واللقاء الديمقراطي وزيرين ووزير لكل من الكتائب والطاشناق، ولم يكلف نفسه عناء التشاور مع النواب السنة.
واللافت في كلام النائب بدر هو هجومه على الرئيس السنيورة متهما إياه بأنه يحاول إقصاء النواب السنة تمهيدا لإخراجهم من المعادلة السياسية في إنتخابات العام ٢٠٢٦، مؤكدا أن ذلك لن يتحقق خصوصا أن النواب السنة يمتلكون شرعية شعبية في مناطقهم وكان يجب أن تُحترم.
وكذلك الأمر بالنسبة لكتلة التوافق الوطني التي وإن هادنت سلام في الشكل إلا أنها في المضمون تختزن غضبا خصوصا أنه أحرجها كثيرا بعدم الرد على مطالبها.
الانتقاد السني لرئيس الحكومة نواف سلام فتح الباب أمام سلسلة أسئلة، أبرزها: هل من مخطط لعزل الكتل السنية وإضعافها بإخراجها من السلطة على مسافة سنة وثلاثة أشهر من الإنتخابات؟ أم أن سلام يسعى لزعامة سنية في المرحلة المقبلة بإختصار الحصة السنية بشخصه؟ وهل ما قام به رئيس الحكومة يهدف إلى قطع الطريق على تيار المستقبل مع تنامي الحديث عن إمكانية إعلان الرئيس سعد الحريري في الذكرى العشرين لإستشهاد والده الرئيس رفيق الحريري العودة إلى العمل السياسي بعد تعليق إستمر زهاء ثلاث سنوات؟ أم أن سلام يريد تصفية حسابات بالواسطة وبتوجيهات من السنيورة مع الرئيسين الحريري وميقاتي؟.
ولعل السؤال الأبرز الذي يضع النواب السنة على المحك هو، هل سيمنح هؤلاء الثقة إلى حكومة سلام بعد كل الانتقادات التي يدأبون على توجيهها اليه؟، وهل سيكونوا في صفوف المعارضة؟، أم أنهم سيخضعون لضغوط دولية عربية تجبرهم على منحها الثقة ما يضاعف من إحراجهم أمام جمهورهم؟، الجواب سيكون رهن جلسة مناقشة البيان الوزاري!..
Related Posts