لبنان في مواجهة التحديات: هل يعتبر وقف اطلاق النار انتصارًا حقيقياً؟.. بقلم: ريتا النمير 

هنيئاً للبنان وأبنائه، وهنيئاً لأهل الجنوب الذين صمدوا في وجه العدوان والمعاناة.

 تم الاتفاق على وقف إطلاق النار، بعد حرب بدأت في الثامن من تشرين الأول ٢٠٢٣، وتصاعدت لتصبح مواجهة مباشرة بين اسرائيل وحزب الله في أيلول الماضي.

يرى البعض أن وقف إطلاق النار يُعدّ انتصارًا للمقاومة الاسلامية اللبنانية ولأهل الجنوب، وربما لكل اللبنانيين الذين لطالما حلموا بنهاية لهذا الصراع المستنزف.

لا شك في أن خبر التهدئة جلب فرحة وسط الأجواء القاتمة التي عاشها اللبنانيون. ولكن أي انتصار في ظلّ بلد مدمّر ومنهك على كل الأصعدة؟

لبنان اليوم بلد منهار، اذ يعاني من أزمات اقتصادية خانقة، وبنية تحتية متهالكة ومواطنين فقدوا الثقة في بلدهم، وبالتالي إن هذا “الانتصار” العسكري لا يُلغي حقيقة أن الشعب اللبناني بأكمله يدفع أثماناً باهظة في حرب لا تنتهي فصولها.

فيما يخص الاتفاق، فإنه في العام ٢٠٠٦، تم وقف الحرب في لبنان بناءً على القرار ١٧٠١، الذي أسس لمرحلة هدنة استمرت نحو عقدين من الزمن. واليوم، تم الاستناد مجدداً إلى هذا القرار لوقف إطلاق النار في الحرب الحالية، وتجدر الاشارة إلى أن بنود الورقة التفاوضية تنص على هدنة لمدة ٦٠ يوما تمهد لوقف دائم، ولكن السؤال: الى متى ستصمد هذه الهدنة؟

أما في الجانب السياسي، كان لوصول ترامب الى البيت الأبيض خطوة مفصلية نحو إعادة توجيه الموارد السياسية، الدبلوماسية، الاقتصادية والعسكرية نحو أولويات أخرى كالملف الصيني والحرب في أوكرانيا، مما أسهم في دفع وقف اطلاق النار، ولكن الخطوة الأكثر تأثيراً والتي كسرت تعنّت نتنياهو كانت اصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحقه، مما أجبره على الرضوخ. ولكن من المؤكد أنه لم يستسلم لقرار المحكمة، فمن المرجح اذا لم يكن من المؤكد أنه حصل على تطمينات من البيت الأبيض بأن قبوله لوقف إطلاق النار سيمنحه حماية سياسية.

وفي هذا السياق، أشار رئيس حزب التوحيد العربي، وئام وهاب، في مقابلة له على قناة MTV الى أن ترامب بعث برسالة الى إيران مفادها أنه سيقوم بإلغاء الاتفاق النووي السابق وابرام اتفاق جديد. وإذا صحت هذه المعلومات، فإنها تمثل عاملاً إضافياً ساعد في تسريع عملية وقف إطلاق النار في لبنان. مما يعني أن قرار وقف إطلاق النار هو قرار دولي تم التوصل اليه بتوافق بين القوى الدولية والإقليمية، بما يتماشى مع مصالحها الاستراتيجية. وبناءً على هذا القرار، منحت الولايات المتحدة الأمريكية الضوء الأخضر لتنفيذه، مما سهل دخوله حيز التنفيذ الفعلي.

إذاً، الدرس الأكبر الذي يجب أن نتعلمه كلبنانيين هو أن انتصارنا الحقيقي يكمن في بناء دولتنا، وتأسيس رؤية وهوية وطنية مشتركة، وتفعيل الاقتصاد. وبالتالي إن هذا يتطلب التركيز على بناء دولة قوية تعتمد على وحدتها المؤسساتية، الدستورية والقانونية، وأن نعمل على ضمان استقلالنا السياسي والاقتصادي. ولذلك، لا يجب أن نكون مجرد أدوات في يد القوى الكبرى، بل يجب أن يكون لدينا مشروع سياسي واقتصادي يعيد بناء الثقة في مؤسسات الدولة ويعزز استقلالها.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal