“الخيام” تحاكي “وادي الحجير”.. هل يُذلل الميدان ما عجزت عنه المفاوضات؟!.. غسان ريفي

بين الأجواء الايجابية التي تحاول الادارة الأميركية إشاعتها بقرب نضوج الاتفاق على وقف إطلاق النار في لبنان، وبين التصعيد الاسرائيلي الوحشي قتلا وتدميرا بعد مغادرة آموس هوكشتاين تل أبيب عائدا الى واشنطن، هوّة سحيقة تدفع الى عدة إستناجات مفادها، أن أميركا تكذب وتمارس الدجل وتعطي المزيد من الوقت لإسرائيل لتحقيق أهدافها، أو أن إسرائيل تضع شروطا تعجيزية وتحاول فرضها بالغارات المتتالية وضرب البنية الاقتصادية لكل بيئة المقاومة، أو أنها تعمل على إنتقام لما تتعرض له من خسائر في الميدان ومن إخفاقات في توغلها البري الذي يجابه بمقاومة أسطورية لا سيما على تخوم بلدة الخيام التي تشهد أم المعارك.

وما بين ذلك وذاك، جهود لبنانية خبيثة في الداخل والخارج، تتقاسم المهام بين ضرب عملية التفاوض من أساسها بإعتبار أن الرئيس بري ليس الجهة الصالحة كونه يمثل الثنائي الشيعي، وأن المفاوضات يجب أن يقودها رئيس الجمهورية وذلك في دعوة مبطنة الى إستمرار إسرائيل بالحرب على المقاومة وأن تجري الانتخابات تحت وقع هذه الضربات بهدف فرض معادلات جديدة، وبين من يروّج أن إسرائيل “لن تقبل بأي إتفاق لا يتضمن القرار 1559 القاضي بنزع سلاح المقاومة، وإعطاء الكيان الغاصب حرية الحركة لإستهداف كل ما من شأنه أن يهدد إسرائيل من لبنان”، والعمل على ترويجه إعلاميا لتحويله الى أمر واقع في عملية التفاوض وتقديم خدمة مجانية للعدو.

إذا، لبنان الذي أعلن إلتزامه بالقرار 1701 ووافق على مسودة الإتفاق الذي جاء به هوكشتاين، ما يزال ينتظر الرد الاسرائيلي عبر هوكشتاين الذي تشير المعلومات الى أنه أجرى إتصالا بالرئيس نبيه بري وأطلعه على أجواء الاجتماعات التي عقدها مع المسؤولين الاسرائيليين، وبقي ذلك في عهدة الرئيس بري الذي نفى مكتبه الاعلامي ليلا ما تداولته وسائل الاعلام عن معلومات حول لجنة المراقبة وإستبعاد فرنسا من قبل إسرائيل ورفض لبنان مشاركة ألمانيا.

ورغم ذلك، فإن أجواء عين التينة لم تعكس أي جو سلبي حتى الآن، بل هي تتمسك بالايجابيات، ما يشير الى أن ما سمعه الرئيس بري من هوكشتاين يوحي بالاطمئنان، لكنه يتناقض مع الوحشية الاسرائيلية المستجدة،.

لا شك في أن كل ما تقوم به إسرائيل اليوم في لبنان مرده الى سببين أساسيين، أولهما إلحاق المزيد من الخسائر بلبنان وببيئة المقاومة خصوصا أن هذه الحرب لم يعد لها أي أفق أو أية أهداف سوى الإنتقام، وما يشهده الميدان من خسائر معطوفا على الضغط الدولي على نتنياهو بعد صدور قرار المحكمة الجنائية الدولية بإعتقاله، ما يدفع الى المزيد من الوحشية قبل الالتزام بوقف إطلاق النار.

وثانيهما، أن إسرائيل تسعى لحفظ ماء الوجه أمام الداخل الاسرائيلي، حيث لا تريد أن تكون عودة المستوطنين الى شمال فلسطين المحتلة من خلال إتفاق وقف إطلاق النار فقط ما يظهر إخفاقها العسكري، بل يريد نتنياهو تسجيل إنجاز عبر تثبيت إحتلال جزء من الشريط الحدودي وصولا الى بلدة الخيام التي تتكسر معنويات الجيش الاسرائيلي على أسوارها أمام رجال المقاومة الذين يتصدون لأي تقدم ويواجهون القصف بحرا وبرا وجوا ويقدمون أروع ملاحم البطولة التي تتجسد في محاكاة الخيام 2024 لوادي الحجير 2006، وهي قد تكون أفعل في تذليل العقبات ودفع العدو الى القبول باتفاق وقف إطلاق النار والتخلي عن الشروط وسحب البساط من تحت أقدام الأدوات.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal