خصوم المقاومة في لبنان.. إحباط وتبدّد أوهام!.. عبدالكافي الصمد

عندما بدأت الحرب بين المقاومة في لبنان من جهة وجيش الكيان الإسرائيلي من جهة ثانية، في 8 تشرين الأول من العام الماضي 2023، لم يتورّع كثير من خصوم حزب الله والمقاومة من توجيه أصابع الإتهام إليهما، بأنّهما ورّطا لبنان في حرب لا مصلحة له فيها، وصولاً إلى حدّ اعتبار البعض أنّ حزب الله هو المعتدي وأنّ إسرائيل تدافع عن نفسها، وبالتالي على الحزب تحمّل تبعات هذا التورّط وحده.

في الأشهر التالية كانت الحرب دائرة ضمن “قواعد إشتباك” معينة، قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة أواخر شهر أيلول الماضي عندما بدأ سلاح الجوّ الإسرائيلي في ارتكاب مجازر وجرائم بوحشية منقطعة النّظير، وممارسة سياسة الأرض المحروقة في مناطق المواجهة، تدميراً وقتلاً وتهجيراً.

خلال هذه الفترة كانت بورصة الإنتقادات تجاه حزب الله من خصومه في ارتفاع متزايد، ووصل الأمر ببعض هؤلاء الخصوم إلى تبرئة إسرائيل من عدوانها على لبنان وقولهم أنّها تحارب حزب الله فقط، وأنّ هذه الحرب لا علاقة لنا بها، بل إنّها تصبّ لمصلحتنا، كما لم يتردّد خصوم الحزب في دعوة إسرائيل للقضاء عليه، ونزع سلاحه وتحجيمه، معبّرين عن سعادتهم وأملهم في يأتي “الخلاص” و”الخير” على يد إسرائيل وجيشها!

أكثر من ذلك، فقد ذهب بعض خصوم حزب الله بعيداً في شطحاتهم، فبعدما تخيّل هؤلاء أنّ الحزب إنتهى أو يكاد، وأنّ الهدف الرئيسي للحرب الإسرائيلية على لبنان القضاء على حزب الله وليس نزع سلاحه فقط، وأنّ هذا الأمر يتحقق تدريجياً بعد استشهاد أغلب قياداته، طرح بعض الأطراف السياسية (رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع) أن تتم الدعوة إلى عقد جلسة نيابية من دون الثنائي الشيعي، حزب الله وحركة أمل، وانتخاب رئيس جديد ولو في غيابهما، برغم ما يعني ذلك من إنعدام لميثاقية ودستورية هكذا جلسة، وتداعياتها الخطيرة على أكثر من صعيد.

لكن التطوّرات في الميدان أحبطت آمال وأوهام وأحلام معارضي حزب الله، بعدما أثبت مقاتلو الحزب قدرتهم على المواجهة والصمود بمنعهم جيش العدو من تحقيق ما يطمح إليه من أهداف، وتكبيده خسائر كبيرة، ما جعل العدو والوسيط الأميركي يرضخان إلى شروط الحزب، ومن أبرزها منع العدو من فرض شروطه على لبنان والمقاومة، واعتراف العدو والوسيط بحزب الله كجهة تفاوضية رئيسية، ولو بشكل غير مباشر، والبحث في شروطه، لمعرفة الجميع أنّه من دون موافقة الحزب فإنه لا يمكن لأيّ تفاوض أن يحصل، ولأيّ تسوية أن تتم، ولأيّ وقف لإطلاق النار أن يتحقق.

هنا، وعندما ردّ حزب الله أنّه استلم ورقة التسوية المقترحة من الجانب الأميركي لإيقاف إطلاق النّار، جنّ جنون معارضي الحزب، واتهموه بأنّه اختصر لبنان في قرار السلم كما اختصره في قرار الحرب، ما أظهر تناقضهم مع أنفسهم، فبعدما اعتبروا أنّ هذه الحرب ليست حربهم، ولا علاقة لهم بها، طُرح سؤال حول سبب اعتراضهم على اقتراح تسوية ومفاوضات لإنهاء حرب نفضوا أيديهم منها منذ اليوم الأوّل!.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal