أكثر من حدث تم تسجيله يوم أمس، مع إنتقال مسار مفاوضات وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل مع المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين الى تل أبيب المستمرة في إلتزام الصمت حيال نتائج المباحثات التي لا تبشر مؤشراتها بالخير، رغم المحاولات الأميركية الجارية لإشاعة أجواء إيجابية.
أبرز هذه الأحداث:
أولا: إصدار المحكمة الجنائية الدولية قرارا تاريخيا بإعتقال رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت بسبب جرائم الحرب وضد الإنسانية والابادة التي إرتكباها خلال العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة.
القرار الذي رفضه نتنياهو ولم يعترف به وإعتبره “يوما أسودا في تاريخ الشعوب ويدل على إنحراف أخلاقي”، كشف القناع عنه لدى نحو 124 دولة يفترض أن تلتزم بقرار الاعتقال في حال حط نتنياهو على أراضيها، وإنتصر في الوقت نفسه للحق الفلسطيني للمرة الأولى، لكن القرار لم يفلت من فيتو أميركا التي تسلّطه على كل القرارات التي تدين إسرائيل، وآخرها قرار وقف إطلاق النار الفوري في غزة في مجلس الأمن الدولي.
لا شك في أن هذا القرار سيضاعف من الهستيريا المسيطرة على نتنياهو وعلى حكومته اليمينية المتطرفة، وربما تضاعف من إجرامه سواء في غزة أو في لبنان الذي قد يشهد تشددا أكثر حيال ملف التفاوض الذي حمله هوكشتاين الى نتنياهو لوقف إطلاق النار.
ثانيا: مغادرة هوكشتاين الى تل أبيب عائدا الى واشنطن، وهو أمر غير مريح، حيث كان من المنتظر لو كان هناك بعض الايجابيات أن يعود هوكشتاين الى لبنان لمناقشة الطلبات الاسرائيلية أو الى فرنسا الشريكة في المفاوضات وفي لجنة المراقبة في محاولة لتذليل بعض العقبات، أما عودته السريعة الى واشنطن فتوحي أن هوكشتاين لديه ما يحمله الى الرئيسين جو بايدن ودونالد ترامب، وهذا يشير الى تعثر أو الى غطرسة إسرائيلية جديدة، خصوصا بعد فشل العدو في إقتحام بلدة الخيام والانتقام منها بتفجير منازلها، وكذلك البياضة،والتصدي البطولي للمقاومين في بلدة شمع، إضافة الى المواجهات الميدانية التي أدت الى مقتل العالم الجيولوجي والمؤرخ الإسرائيلي زئيف الرايخ، وعدد من الضباط والجنود، حيث تتضاربت المعلومات حول قائد لواء غولاني بين أن يكون قتيلا أو جريحا.
ثالثا: الاستهداف الاسرائيلي العنيف للضاحية الجنوبية مجددا، حيث سُجل من بعد مغادرة هوكشتاين لبنان تسع غارات أدت الى تدمير مساحة واسعة من الأبنية السكنية الخالية من سكانها.
ثمة وجهتا نظر في إسرائيل حيال ملف المفاوضات الذي يقوده هوكشتاين، الأولى هي رفض كل الاتفاقات والاستفادة من الدعم الأميركي المفتوح سواء عبر بايدن المغادر للبيت الأبيض أو ترامب القادم إليه، لتحقيق أهداف الحرب والقضاء على حركة حماس في غزة وعلى المقاومة في لبنان.. والثانية، هي القبول سريعا بالاتفاق مع لبنان، كونه يسمح لنتنياهو أن يرسم صورة إنتصار بإعادة المستوطنين الى شمال فلسطين وبتراجع المقاومة الى ما بعد شمال نهر الليطاني، خصوصا أنه منذ بداية الحرب لم يحقق أي هدف من الأهداف التي أعلنها، في حين أن القتل والتدمير والاغتيالات لا يصنعون إنتصارات، كما أن الاتفاق على وقف إطلاق النار قد يساعدة في إراحة وحدات من الجيش، وأن يبعد عنه كأس تجنيد الحريديم، وأن يدفعه الى حشد قواته كلها في غزة التي يهدد بعسكرتها.
حتى الآن، لا شيء يبشر بالخير تجاه جهود هوكشتاين، فلا المواقف والشروطالاسرائيلية خفّضت السقوف، ولا الميدان ذاهب الى تهدئة، ولا الغارات على الضاحية والبلدات الجنوبية تراجعت، ما يشير الى أن نتنياهو قد يستمر في التصعيد للضغط على لبنان لتلبية شروطه المتعلقة بحرية العمل داخل الأراضي اللبنانية، وتطبيق القرار 1559، أو أنه يتجه نحو رفض كل المقترحات والاستمرار في الحرب، ما سيعيد الكلمة الفصل للميدان الذي تحدث عنه الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم مطولا، وأكد جهوزية المقاومة على الاستمرار والصمود وتغيير المعادلات.
Related Posts