من أطلق المرحلة الثانية من العمليات العسكرية.. إسرائيل أم المقاومة؟!.. غسان ريفي

يوما بعد يوم تترسخ القناعة الاسرائيلية حول أن الجبهة الشمالية، والمواجهات مع المقاومة الاسلامية في لبنان، هي معقدة وصعبة جدا وتحتاج الى سنوات طويلة لكي يتمكن الجيش الاسرائيلي من فك طلاسمها جغرافيا وميدانيا وعسكريا وعقائديا.

كما يدرك الاسرائيليون أن حكومتهم تورطهم في حرب إستنزاف ثقيلة، خصوصا أنها تفتقد الى تحقيق الأهداف التي باتت شبه مستحيلة، ما يجعل التناقض في المواقف هو الغالب على رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير خارجيته “ساعر” ووزير دفاعه “كاتس” وقيادة الجيش الاسرائيلي، حيث لكل منهم وجهة نظر مختلفة، تؤكد الارباك لا سيما لدى كاتس الذي أعلن قبل يومين “الانتصار على المقاومة”، ثم أكد أمس أننا “لن نوقف العمل العسكري إلا برضوخ المقاومة لشروط إسرائيل”، في حين يؤكد ساعر أن “الحلول الدبلوماسية باتت قريبة”، فيما يعلن رئيس الأركان هرتسي هاليفي “إنطلاق المرحلة الثانية للعملية البرية” في الوقت الذي فشل فيه الجيش الاسرائيلي في تحقيق أهداف المرحلة الأولى.

اللافت، أنه في ظل الحملات الدعائية الاسرائيلية التي يحاول العدو من خلالها تطمين المجتمع الصهيوني وإيهامه بأنه يحقق الانجازات في هذه الحرب، نسفت المقاومة الاسلامية كل تلك الإدعاءات المزعومة أمس بسلسلة عمليات نوعية كانت بمثابة إنطلاق المرحلة الثانية الحقيقية، والتي توزعت بين الميدان الذي إستهدف فيه المجاهدون تجمعا للجنود في أحد المباني وقتلوا خمسة منهم مع ضابط إضافة الى جرح 4 آخرين، وبين الصليات الصاروخية التي إستهدفت للمرة الأولى وفي صليتين متتاليتين “وزارة الدفاع الاسرائيلية ومقر هيئة الأركان العامة وغرفة إدارة الحرب، وهيئة مراقبة السيطرة والحرب” في تل أبيب، كما قصفت وللمرة الأولى أيضا شركة صناعة الأسلحة في تل أبيب، إضافة الى عدد من القواعد العسكرية والمستوطنات.

لا شك في أن ما أنجزته المقاومة كان له إنعكاسات سلبية على حكومة ومجتمع الكيان، خصوصا أن نتنياهو الذي حاول على مدار 13 شهرا من القتل والتدمير إعادة ثقة الاسرائيليين بمنظومتهم العسكرية والأمنية، عاد أمس الى المربع الأول، بعدما وصلت صواريخ المقاومة الى أكثر الأهداف حساسية في تل أبيب على بعد 120 كيلومترا وهو مركز القرار العسكري وله رمزية بالغة، ما ترك سلسلة تساؤلات في المجتمع الاسرائيلي حول كيفية وصول مسيرات وصورايخ المقاومة الى وزارة الدفاع؟، وأين منظومات الدفاع الجوي؟، وإذا كانت حكومة نتنياهو لا تستطيع حماية رأس القيادة والسيطرة لديها، فكيف ستعيد السكان الى مستوطنات الشمال؟، وكيف يمكن مواجهة هذا التحدي الكبير والمستجد الذي وضعته المقاومة أمامه؟.

لا أحد في إسرائيل يمتلك إجابات عن تلك الأسئلة، وهي ستبقى تلاحق نتنياهو لتضاعف من فشله في الحفاظ على أمن كيانه، وفي حماية أجواء تل أبيب، وفي ترجمة البروباغندا الاعلامية حول الانجازات الاسرائيلية، في وقت ما تزال فيه أهداف الحرب بعيدة المنال وممنوعة من الصرف سواء في غزة أو في لبنان.

أمام هذا الواقع، يصبح الإرتباك الاسرائيلي أمرا طبيعيا، كون الحكومة اليمينية المتطرفة لم تعد تمتلك ما تقدمه لمجتمعها الغاضب من الحال الذي وصل إليه، لجهة بقائه بين سندان صفارات الإنذار ومطرقة الصواريخ، وهي عاجزة تماما عن كسر إرادة المقاومة وموقف لبنان الرسمي للموافقة على شروطها، فضلا عن الإحراج الكبير أمام الادارة الأميركية الحالية والقادمة كونها إستنزفت من خزينتها أكثر من مئة مليار دولار على المساعدات والتسليح والدعم اللوجستي والعسكري ولم تتمكن من تحقيق أي هدف من أهدافها ما يجعل هزيمتها أمرا واقعا.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal